مفرح العنزي
في الأسبوع الماضي قامت كوريا الشمالية بإجراء تفجيرها النووي الثاني بعد عامين تقريبا من تفجيرها الأول، وهذا يعني أن كوريا ماضية قدما في هذا الاتجاه وغير عابئة بالنظام الدولي وما يطرحه من انتقادات أو تحركات سياسية. فالعالم يصف النووي الكوري الشمالي بأنه خطر على العالم أجمع ولو دخلنا في تفاصيل هذه الكلمة وتفسيراتها لوجدنا أن النظام الدولي على حق، فالنظام الكوري الشمالي لا يشكل خطرا حقيقيا على الدول المجاورة لكوريا الشمالية كالصين وروسيا واليابان في حالة إعلانه الحرب عليها، إذ إن كوريا الشمالية تقع في أسفل قائمة التسلح النووي لهذه الدول كذلك من حيث القوى العسكرية، فكوريا الشمالية لا تمتلك وسائل التطور التكنولوجي للسلاح ميدانيا أي بمعنى آخر ان كوريا الشمالية تقاتل قوات دولية تستخدم آخر ما توصلت إليه الابتكارات العلمية لأسلحة المشاة والطيران والبحرية والاتصالات، بل إن كوريا الشمالية ستواجههم بأسلحة الحرب العالمية الثانية وهي أسلحة عمياء لا قيمة لها، وبجيش منهك يحمل بداخله معنويات منهارة تستمد وجودها من التفوق اللامحدود للجيوش الجارة له. وعليه فإن المواجهة العسكرية الميدانية ستنتهي بنهاية حتمية وهي خسارة كوريا الشمالية وهزيمتها حتى وإن حققت بعض الضربات الموجعة لجاراتها في حالة حدوث مواجهة عسكرية معها.
لكن نجد أن المخاوف الدولية من النووي الكوري تنحصر في الآتي:
1 ـ مركزية الحكم: فكوريا الشمالية تتمتع بنظام عسكري خال من المعارضة أي أنها دولة الزعيم الملهم وهذا يعني أن السلاح النووي قد يستخدم دون سابق إنذار وقد يحدث انقلاب مفاجئ وبالتالي ستكون المواد النووية معرضة للسرقة أو الضياع.
2 ـ الاتفاقيات الدولية: من المعلوم عالميا أن كوريا الشمالية لم توقع على اتفاقية الحد من انتشار أسلحة الدمار الشامل، كذلك لم توقع على اتفاقية مكافحة الإرهاب النووي التي تم توقيعها في روسيا عام 2006 وتم التوقيع عليها من قبل 70 دولة.
3 ـ الاقتصاد: تتمتع كوريا الشمالية باقتصاد هش ولا تزيده الأزمة الاقتصادية الحالية سوى زيادة في السوء ولو فرضنا أن الأزمة الاقتصادية ألقت بكاهلها على الاقتصاد الكوري وحطمته فهذا يعني انهيار الدولة ومن ثم دخول المواد النووية الكورية إلى دائرة السوق السوداء أو بمعنى آخر إغراق السوق السوداء بالمواد المشعة والقنابل النووية القابلة للتنقل عبر الحدود الدولية، الأمر الذي يقود العالم إلى حقيقة مستقبلية مفادها انتشار الوباء النووي الكوري الشمالي.
ومما سبق علينا أن ندرك أن العالم يقف أمام النووي الكوري الشمالي بين خيارين أحلاهما مر، فمن جهة نجد أن المواجهة المسلحة ضد كوريا الشمالية تعتبر كارثة لجيرانها ومن جهة أخرى نجد أن ترك كوريا قد يعني اعتماد الدول الراديكالية والقمعية على التكنولوجيا النووية الكورية لحماية أنظمتها أو احتمال تزويد كوريا الشمالية للأنظمة أو الجماعات المتطرفة المناهضة للولايات المتحدة الأميركية ومن يقف معها بالمواد المشعة لاستخدامها في تركيبات القنابل القذرة.
وهذا الأمر يشكل خطرا على الكويت وجميع دول العالم ما لم تكن هناك احتياطات مسبقة رادعة لعمليات التهريب الدولي للمواد المشعة.
ووفق هذه المعادلة نستطيع القول إن البرنامج النووي الكوري الشمالي يدعو للقلق في حالة اتجاه كوريا الشمالية نحو الاتجاه المذكور أعلاه وإذا لم يحدث ذلك فإن النظام الكوري يريد فقط الاحتماء بالسلاح النووي وربما لديه ما يبرر مخاوفه.