في ثلاثينيات القرن الماضي قام حرس الحدود الأميركي بغض النظر عن المهاجرين غير الشرعيين القادمين من المكسيك وأميركا الجنوبية وكان ذلك بهدف الاستفادة منهم في اعمال البناء لكونهم يشكلون العمالة الرخيصة آنذاك، وبعد ان وضعت الحرب العالمية أوزارها قام الفرنسيون باعتماد العمالة القادمة من المغرب العربي وسمحوا لأفواج المهاجرين غير الشرعيين بالمساهمة في بناء فرنسا، والبريطانيون اعتمدوا على الهنود والباكستانيين في بناء لندن بعد ان دمرتها صواريخ vz الألمانية، أما الألمان فقد اعتمدوا على العمالة التركية والكردية في اعادة اعمار ألمانيا بعد خسارتها الحرب.
ولو ذهبت اليوم الى هذه الدول فستجد ابناء المهاجرين غير الشرعيين الأوائل وأحفادهم متواجدين في الدول المذكورة أعلاه وقد أصبحوا جزءا لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي لهذه الدول ومنهم من انقطعت صلته بوطنه الأم بسبب تقادم السنين وأصبح يهتف بروح الدولة التي ولد فيها، ومن المشاهد التاريخية المؤلمة ما حدث للجزائريين الذين عقدوا حلفا مع فرنسا ينص على مشاركة الجزائريين في القتال مع فرنسا ضد ألمانيا وقبل الاجتياح الألماني لفرنسا تمركز أكثر من عشرة آلاف مقاتل جزائري على خط الدفاع الأول وهو خط ماجينو الفرنسي ولحظة الهجوم الألماني على فرنسا قام الألمان بضخ غاز الكلور الثقيل بمساعدة قوات الـ ss الألمانية فقتل من المحاربين الجزائريين أكثر من خمسة آلاف مقاتل قضوا مختنقين بالغاز.
أما المهاجرون الجدد للولايات المتحدة فانهم يستطيعون الحصول على الجنسية الأميركية من خلال بند الأعمال الجليلة وقد كان لهم نصيب الأسد في الغزو على العراق ويستطيع العراقيون تمييزهم بحكم تعدد ألوانهم وأشكالهم واختلافهم عن الأميركان، فإذا مات هذا المتطوع حرم من الجنسية الأميركية وإذا نجا فانه يستحقها، اما في جنوب تركيا وتحديدا لواء اسكندرون فإن هؤلاء انضموا الى تركيا رسميا بعد ان كانوا تابعين لسورية وقد حصلوا على جميع حقوقهم من حيث التجنيس، ولكن في البداية كان يقال عنهم البدون الأتراك، الا انه بحكم اعتدال مناخ منطقة لواء اسكندرون استطاعوا غزو تركيا وأوروبا بالمنتجات الزراعية وهذه الصدفة جعلت منهم تجارا فاحشين في الثراء.
و«بدون» الكويت هم جزء من النسيج الاجتماعي الكويتي ويمثلون حالة منفردة من المهاجرين الذين الى الآن لم يحصلوا على حقوقهم المدنية، علما بأن هناك غالبية كبيرة من المتجنسين الكويتيين جاؤوا الى الكويت بدافع العمل والبحث عن لقمة العيش واستطاعوا الحصول فيما بعد على الجنسية الكويتية، ولكي نوجد حلا لهذه الفئة علينا على الأقل ان نجعلهم يحملون اثباتات يستطيعون من خلالها العيش بكرامة مصداقا لقول الله سبحانه وتعالى: (ولقد كرمنا بني آدم).