مخلد الشمري
«المظاهرات» التي يخرج بها ملايين الناس من الجماهير التركية هذه الأيام هي دعوات ومظاهرات لحماية مبادئ الجمهورية التركية الديموقراطية والحديثة والعلمانية والعظيمة والمتينة التي وضعها مؤسس وباني الجمهورية التركية الحديثة والجديدة مصطفى كمال ـ أتاتورك ـ هذا القائد العظيم الذي انتشل تركيا من براثن الجهل والتخلف وبؤس وظلم وسيطرة ما سمي ـ وقتها ـ بالخلافة العثمانية ـ البائدة ـ تلك الخلافة التي لم يكن هناك هم لحكامها وقادتهم وولاتهم سوى الكذب والتدليس والظلم واكل حقوق الناس وأصحاب الأراضي التي احتلوها باسم الدين في زمن مظلم لم تكن به وقتها وسائل اتصال وإعلام كما هو اليوم، وفي وقت ارهبوا به الناس باسم الدين، وظلموا وسرقوا الشعوب باسمه، مع إن جميع حكام الخلافة العثمانية تقريبا كانوا يتبارون ويتحدون بعضهم البعض بمن يحوي بلاطه اكبر كمية وعددا من الجواري والحريم.
أسس الزعيم مــصطفى كـمال تركيا الحديثة عــلى المبادئ العـلمانية التي تفصل ما بين الدولة والدين، لكنها لا تفصل بين الدين والمــجتمع كما يروج الراديــكاليون، لهــذا نشاهد تركيا اليوم يحـــكمها حزب يصف نفسه بأنه حزب إسلامي، وسيظل يحكمها ويدير شؤونها ما دام يحترم مبادئ الدولة العـلمانية، وبعد حصوله على أغلبية برلمانية، لكنه لن يستطيع حكمها يوما واحدا إذا حاد لـحظة واحدة عن تلك المبادئ التي تأسست عليها الجمهورية التركية الحديثة، فتركيا علمانية وستــظل علمانية، ولن يستطيع الرجعيون السيطرة عليها وتغيير مبادئها حتى وان استغلوا الديموقراطية للوصول إلى السلطة، بل وحتى إن استخدموا التقية السياسية والمكـيافيللية كل يوم.