مخلد الشمري
يترك توني بلير ـ بإرادته ـ حكم بريطانيا، وهي أكثر رخاء وثراء مما كانت عليه قبل أن يُنْتَـخَب، ويتنحى توني بلير عن حكم بريطانيا وقد بدّل وجهها إلى ـ الأفضل ـ لأنه قبل كل شيء، مؤمن، بأن سنة الحياة هي التغير، ولأن التغـير كان ومازال وسيكون هو الروح التي تجدد بريطانيا والأداة التي تطورها، وهو كذلك من خلّد أسماء كشخصيات عظيمة كونستون تشرشل ومارغريت تاتشر، وغيرهما من الشخصيات البريطانية الكثيرة التي سكـنت ثم رحلت عن 10 داوننغ ستريت ـ بإرادتها ـ أو بإرادة الناخبين.
كلما يحدث تغير سلمي وحضاري وراقٍ في دولة ما من دول الغرب، وما شابهها من دول، أفرح وأحزن في نفس الوقت، أفرح لأن السِّلم والتحضر والرقي تترسخ أكثر في هذا العالم.. وأحزن لأن كثيرين آخرين لا يتعلمون من هذا التغير، ولا يحاولون تقليده، بل ولا يطيقون حتى سماع أخبار ومشاهدة صور هذا التغير، لولا أن العالم أصبح صغيرا ومكشوفا ومفضوحا بفضل ثورة الاتصالات والإعلام، تلك الثورة العظيمة التي جعلت أكثر الدول والأنظمة تعاسة وإفسادا وغموضا، هي الآن الأكثر خوفا وهلعا في هذا العالم، بعد أن كانت تلك الدول والأنظمة تفاخر دوما بغموضها وبسريتها اللذين كانا يحرمان العالم من أدلة وبراهين فسادها وظلمها وطغيانها واستبدادها!
شكرا سيـد بلير، وسيحــترم كل العالم المتحضر خـيارك، وسـيفتـقد أغلب متابعي ومراقبي ســـياسة هذا الـعالم صـورتك وطلتك البهــية، وروحك المرحة وابتسامتك الماكرة الجـميلة وخطــبك وكلــماتك وإجـاباتك، وبالذات تلك الإجابات التي كنت ترتجل معانيها وكلـماتها، بكل ثــقة، ودون تأتأة، ودون خوف من زعل هذا أو ذاك.