مخلد الشمري
عجـيب وغريب واسـتثنائي ومـريب حـال أغلب تلك البـلاد التي تسـمى بالبـلاد العـربية أو الإسـلاميـة، أيامـها وسنواتهـا أزمـات تلد أزمـات، وحــروب تلد حـروبا، واسـتبـداد يقلد استـبدادا، وديكتـاتوريات تورث وتفـرخ ديكتـاتوريات، وعـصـابات تتـفــرع إلى عـصـابات، وفـي الوقت ذاته ونفسه يكون أغلب مفكريها أو مـثقفيها ـ هذا إن سـمـح أو إن جـاز لنا أصــلا إطلاق تلك الصفات عـليهم ـ في بيات شتـوي وصيفي واستـوائي، لا يحركون ساكنا، ولا يهـشون ولا ينشون ولا يرحمون ولا يجبرونك حتى علـى منحـــهم الحــد الـقليل والأدنـى من الإعـجـاب والاحتـرام بعـد أن تحـولوا إلى انتهـازيين وثعالب ومنافـقين وطبالين لا همّ لأغلبـيتهم الـساحقـة سوى تسـويق الظلم والخطأ والإجـرام والاسـتــبـداد والتطرف والتـعـصب لينفـردوا وحدهم بما يـغدقـه عليهم من يسوقونهم من فضلات.
أما الشيء الأغرب من الغرابة فهو أن تلك البلاد، أصـبح أغلبهـا ـ فعليـا ـ خارج نطاق الســيطرة، وخـارج نطاق التــقـدم والحداثة والتاريخ، وإلا فبم يمكن أن نفسر وجـود كل تلك المصطلحـات والأسمـاء في زمن اخـتـفت مثـيـلاتهـا من المصطلحـات والأسماء من كل بقع ودول العـالم تقريبا؟ مصطـلحات وأسمـاء ـ مثل «جنـد الشام»، «فـتح الإسلام»، و«الـقاعـدة» بفـروعهـا: قاعـدة بلاد المغرب الـعربي، وقاعـدة بلاد الرافدين، وغيرها من قـواعد للشر، وجيش القــدس، وجـيـش المهـدي، والـظواهري، وصـــدام، وطـارق عـــزيز، وطه يـاسين رمـضــان، ومـصطفـى بكري، وبن لادن، والزرقاوي، وعـبود الزمر، وخالد مـشعل، والغنوشي، والترابي، وأبوحمزة المصري، وأبوقـتـادة، الى آخـره من أسمـاء دمـرت وخربت كثيرا من عقول الأجيال والبلدان.
تفسيـر ذلك كله هو تفسيـر واحد فقط وهو أن جـمـاعـات المافــيـا المعـدودة على الأصابع التي سيطرت على أغلب تلك البلدان ولدت وفرخت وتفرعت إلى آلاف الجـماعات إن لم يكن أكثر إلا أن الشيء الوحيد الأكـيد هو أن كل تلك الجماعـات (العصابات) ومن على أشكالهـا «ستقع» وسـتخـتفي نهـائيا وسـتتـحول إلى مـسلـسلات وقـصـــص «play station» وأفلام على شـاكلة العراب وآل كابوني ولا تفـاجأوا يوما مـا، إذا ظهرت لنا« روايات وأفلام عن خرابـات آل عربوني وما يشابههم.