رحل قبل ايام الروائي البرتغالي الكبير خوسيه ساراماغو عن 87 عاما قضى اغلبها في الكتابة دفاعا عن القضايا الاجتماعية والانسانية والتي اهلته لحصوله على جائزة نوبل للآداب، والذي احببته وتعلقت بإنسانيته فور تعرفي عليه بقراءتي لروايته «العمى» التي تخيل بها ساراماغو فقدان جميع الناس في مجتمع ما فجأة لحاسة البصر «وأبدع» فيها كثيرا في تخيل ما الذي ستكون عليه تصرفاتهم وسلوكياتهم وقتها!
اشتهر الروائي الراحل المبدع ساراماغو بتواضعه الجم وبإنسانيته العظيمة وبأخلاقه العالية وبالوقوف مع المظلومين في هذا العالم عن طريق كتاباته ومقالاته وتصريحاته التي اغضبت الكثيرين، كما لم ينس يوما اصوله الريفية واستمتاعه بحياة الريف مع جده وجدته اللذين وصفهما في احدى مقابلاته الصحافية بأحلى وأنبل وأجمل الصفات وبأنهما يعرفان فقط ما يقارب 500 كلمة من اللغة البرتغالية ولكنها الكلمات الكافية للتواصل الانساني الحقيقي في هذه الحياة، في تعبير رائع عن ان الكثير من بشر هذه الحياة «انغمسوا» بوحشية في الماديات وكثيرا ودون داع وبأنهم بشر يتحدثون كثيرا بما لا يعرفون وبما لا معنى أو قيمة له!
قبل 5 سنوات تقريبا واثناء تجوالي بما يسمى بمعرض الكويت السنوي للكتاب والذي سنة بعد سنة تتقلص مشاركة دور النشر الجادة فيه، وقابلت صديقا قديما مصادفة، فأهداني فورا رواية للأديب الفرنسي ـ اللبناني أمين معلوف، فلم امتلك الا ان ارد على هديته بإهدائه رواية «العمى» لخوسيه ساراماغو، التي جئت للمعرض خصيصا لاشتري نسخا منها لأهديها للقلة القليلة الباقية من محبي القراءة، ان صادفت احدهم في اي وقت، والمضحك المبكي والمخجل انه في الاعوام التالية للمعرض لم اشاهد رواية «العمى» معروضة حيث انها منعت من العرض بناء على كلام موظف دار النشر الشهيرة التي تمتلك حق ترجمة ونشر الرواية في المنطقة العربية، وهذا شيء يحدث وللأسف لكثير من الكتب في معرض الكتاب، بل وحتى ان دار النشر المشهورة «الجادة» هذه لم تشارك منذ 2008 فيما يسمى «معرض الكويت للكتاب»!
وداعا ساراماغو وكم احببتك واحترمتك من خلال كتاباتك وقبلها من خلال تواضعك وانسانيتك العظيمة!
[email protected]