مخلد الشمري
في الوقت الذي تفتخر فيه كثير من شعوب الأرض بمجالسها أو برلماناتها المنتخبة انتخابا حقيقيا، أصبح أغلب الكويتيين يمقتون ويكرهون مجلس أمتهم، ولا يطيقون قصص وحكايات وتصرفات وغرائب استجوابات كثير من نوابه، ويتندرون ويضحكون على مهاترات ومشاجرات جلساته، بل ووصل الحال بالكثيرين الى المجاهرة العلنية بتمني زوال مجلس الأمة للأبد، على عكس ما تتمناه الشعوب المحبة للحرية أو المجتمعات التي تفتخر بمجالسها وبرلماناتها التي ينتخب اعضاؤها بعيدا عن المبادئ التي ينتخب عليها كل نواب مجلس أمتنا، التي تختصر في التعصب الأعمى طائفيا وقبليا وعائليا ومناطقيا.
لماذا وصل حال مجلس أمتنا الى هذا الانحدار المؤسف، في تفاهة الطرح وفي الضياع المتعمد للجهد وللوقت؟ ولماذا لم نستطع بعد 45 عاما من بدء العملية الديموقراطية - النسبية - في الكويت ان نتأقلم مع الديموقراطية، أو على الأقل شبه التأقلم معها؟ ولماذا استسلمنا لفكرة ان الطائفية والقبلية والمحسوبية الضيقة هي الأسس التي على أساسها فقط ننتخب النواب؟ بل وحتى أجيال الكويت الناشئة أصبحت تمارس تلك الأسس - التعيسة - بصورة أكبر وأخطر من الطريقة التي مارسها بها أجدادهم وآباؤهم، رغم - اختلاف - ظروف الفترات الزمنية.
الآن نحن نحصد زرع عمليتنا الديموقراطية السيئة على كل المستويات، ومن يراقب بكل حسرة ما يحصل ويحدث من أحداث في ساحتنا المحلية يتأكد من ذلك، ولا يخرج الا بخلاصة محزنة ومؤلمة لحالة غريبة لمجتمع كويتي يمارس الديموقراطية للوصول للفوضى العارمة - وبتعمد - على كل الأطر وكل المستويات، ولم يحدث ان استخدمت الديموقراطية الحقيقية للوصول الى الفوضى لأن الديموقراطية والفوضى لا يجتمعان ولن يجتمعا، لهذا لا تصدقوا ولو للحظة واحدة ان ديموقراطيتنا تمتّ بصلة للديموقراطية الحقيقية.