في أوائل تسعينيات القرن واثناء سفري لبريطانيا واجهت صعوبة كبيرة في العثور على غرفة واحدة شاغرة في أي من فنادق مدينة لندن وذلك لازدحامها الشديد في ذلك الوقت بالسياح من مختلف الجنسيات، وحيث إنه ليس من عادتي حتى هذا اليوم عمل حجز الفندق ـ مقدما ـ وبعد بحث طويل وسلبي ودون فائدة طبعا ـ لا ادري ـ لماذا دخلت فندقا صغيرا رغم وجود لافتة معلقة على بابه مكتوب عليها «لا توجد غرف شاغرة» فوجدت رجلا وقورا في منتصب العمر جالسا وراء حاجز الاستقبال وقبل أن أسأله عن وجود غرفة شاغرة وأنا فاقد الأمل نهائيا في ذلك، أجابني اسمي frank وأنا مالك الفندق وسأدبر لك فورا غرفة حتى في ظل اكتمال حجوزات غرف الفندق، فأنت من بلد صديق لبلدي مالطة ويساعد بلدي كثيرا، حيث انه لمح وبسرعة وبذكاء عبارة state of kuwait المكتوبة أعلى جواز سفري الذي وضعته ـ عفويا ـ فوق حاجز الاستقبال وفوق ذلك منحني خصما 30% رغم ازدحام لندن الدائم بالسياح ورغم عقلانية اسعار غرف فندقه المكتوبة في اللافتة المعلقة في الاستقبال، بل استمر في منحي ذلك السعر بعد الخصم المنخفض نفسه في كل مرة اسافر فيها الى مدينة لندن بعد ان اصبح فندق الأخ المحترم البريطاني من اصل مالطي السيد frank هو مكاني المفضل للسكن، الى ان فوجئت بعد 13 سنة تقريبا بأنه باع الفندق بسعر مربح جدا له وغادر ليعيش في بلده الاصلي جمهورية مالطة الصديقة، ذلك البلد الوديع والجميل جدا، والصغير المساحة جدا والعظيم الموقف تجاه وطني الكويت في اصعب الايام التي مرت على الكويت.
تذكرت هذا الموقف فور مشاهدتي لصور سمو رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد جالسا في الصف الأمامي خلال جنازة وتأبين صديق الكويت الوفي الذي رحل مؤخرا الرئيس المالطي السابق غويدو دي ماركو في كنيسة سانت جون في العاصمة فاليتا، ولصورة سموه وهو يقدم احر التعازي لعائلة الرئيس الراحل التي استقبلته والوفد المرافق بكل محبة تقديرا للكويت ولصاحب السمو الأمير على هذه المشاركة الرفيعة والمميزة واللافتة جدا جدا والمليئة بالوفاء والحب لإنسان ناصر بشجاعة وبقوة الحق الكويتي بصلابة منذ اللحظات الأولى لكارثة الغزو وتشهد بذلك تصريحاته القوية ومواقفه العظيمة عندما صادف ترؤسه ممثلا لبلاده للجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1990، قيام زمرة فلول قوات نظام المجرم الحقير التافه المشنوق صدام باحتلال وتدمير وسرقة وطننا المسالم الحبيب.
نعم تحية شكر ووفاء وحب وعرفان لجمهورية مالطة الصديقة وتحية ايضا لصديقي المحترم الطيب البريطاني ـ المالطي frank ووفقــه ورعاه وحفظه الرب اينما كان، والذل والهوان للسفيه التافه صدام ولأعوانه ولمؤيديه وللمتعاطفين معه اينما كانوا؟
[email protected]