قبل رمضان بأيام لا تسمع إلا حديثا سخيفا مكررا سنويا ومملا عن ارتفاع أسعار المواد الغذائية أو اختفاء بعض أصنافها، وكأن شهر رمضان يأتي مرة كل 20 عاما وليس شهرا كل سنة لا تختلف فيه مواد الأكل عن غيره من الشهور. إلا بزيادة صنف أو اثنين أو ثلاثة على الأكثر، وخذ مثلا الحديث السنوي المكرر عن سعر زجاجة شراب معيّن لا يتعدى سعرها في أغلب الأحوال نصف دينار، فيصبح الحديث عنها بطولة البطولات ان اشتراها أحدهم بأقل من ذلك بعشرين أو خمسين فلسا، رغم انه مشروب رخيص لا فائدة له سوى رفع نسبة السكر في دم من يشربه!
أما أثناء أيام شهر رمضان فحاولوا ألا تخرجوا من منازلكم لتقودوا سياراتكم أو لتعبروا الشوارع في نصف الساعة الذي يسبق مدفع الإفطار، فهو أخطر نصف ساعة في العالم كله، حيث يجن فيه جنون كثير من قادة المركبات بحجة الصيام أو محاولة اللحاق بالفطور في المنزل، فتراهم يقودون السيارات بتهور كبير متعمد وبسرعة مخيفة، حتى إن كان ذلك على حساب حياة أبرياء كثيرين يفقدون حياتهم أو يصابون أو «يتعوقون» للأبد، فقط لأن حظهم التعس أوجدهم في نصف الساعة المجنون ذلك مع أو بقرب أحد هؤلاء القادة المجانين والمتهورين الذين يضربون بتعمد عرض الحائط بكل القوانين والأخلاق والحياء، فقط ليلحقوا بالإفطار في منازلهم!
أما بعد رمضان وبالأحرى بعد إفطار آخر يوم في رمضان المبارك، فتعود كل الأمور كما كانت وترجع «حليمة لعادتها ولحالتها القديمة» لدى أغلب الناس وكأنهم لم يصوموا وينهوا لتوّهم شهرا كريما يدعو لتهذيب النفس وتطهيرها وإصلاحها أو على الأقل تغييرها للأفضل ولو قليلا!
[email protected]