مخلد الشمري
حررت قوات التحالف العراق من أظلم وأسوأ وأقسى وأغبى وأجهل وأحقر وأنذل حاكم على وجه الأرض في العقود الأخيرة، وبدلا من السعادة العظيمة والفرح الكبير بذلك والاستفادة القصوى من كل ذلك وشكر قوات التحالف على ذلك التحرير وهذا العمل الشريف عمل الذين يمثلون ويضحكون على البسطاء والدهماء باسم الدين بخبث ومن اول يوم على افساد فرحة الناس العارمة بالتخلص من البؤس والظلم والطغيان، ومازالوا - بيأس - يحاولون ويعملون على العودة بالعراق لعصر الظلم والخزعبلات والجهل والتخلف ولأيام العمائم الحجرية بدلا وعوضا عن عراق جديد حر وديموقراطي وليبرالي وعلماني يتسع لكل طوائفه وأعرافه وأديانه!
مضى على القضية الفلسطينية 60 عاما تقريبا قتل وسقط واغتيل فيها كثيرون وجرح وتعوق بها كثيرون وتهجر وتشرد بها كثيرون وبكى وتألم بها كثيرون و«تاجر بها» وتربح منها كثيرون، واشتهر على حسابها كثيرون، وعندما حانت الفرصة الذهبية الحقيقية لحل هذا الصراع غير المتكافئ نهائيا بين اسرائيل التي تمتلك كل شيء، والفلسطينيون الذين لا يستطيعون هم والعرب والمسلمون عمل اي شيء، وعندما لاحت في الأفق نسمة استقرار وسلام ونقطة ضوء وبقعة ارض تكون نواة لإنهاء التشرد والألم والمعاناة، ونواة لدولة فلسطينية تفاوض وتعمل وتناور لمكتسبات اكثر في السنوات والعقود المقبلة، خرجت علينا فجأة، وبحماس كبير، قوى الشر والتطرف نفسها تحاول هدم كل شيء وارجاع كل شيء الى نقطة الصفر والمربع رقم واحد، ليس لاحساسهم بالظلم والغبن - كما يدّعون - بل ليأخذوا فرصتهم الذهبية للاستفادة والمتاجرة والشهرة على حساب القضية الفلسطينية حتى وان عانى الشعب الفلسطيني مجددا وتشرد وتألم مجددا لـ 60 عاما اخرى.
15 عاما كانت مدة الحرب الأهلية اللبنانية التي يقال ان قوى خارجية خاضتها على الارض اللبنانية - بوكلاء حرب محليين - وبعد ان توقفت هذه الحرب المدمرة نهائيا عام 1989 بناء على اتفاق الطائف الشهير، ثم تعمر بسرعة لبنان وتجمل مجددا، واصبح لا يصدق احد ان هذا البلد خرج لتوه من حرب أهلية مدمرة لولا ان التاريخ ووثائقه يشهدان بذلك، وبعد ان بدا ان لبنان وبكل ثقة يسير في طريقه ليكون وطنا لكل طوائفه وأبنائه وبعد ان بدا ان لبنان ايضا في طريقه لاسترجاع عصره الذهبي سياحيا وثقافيا وانسانيا بل واقتصاديا، ما لبثت ان عادت نفس الاجواء، وان اختلفت هذه المرة الوكالات والأدوات التي اشعلت شرارة الحرب عام 1975.
فتشوا عن أسباب الخراب في كل الحالات فستجدونها متشابهة باختلاف الأسماء فقط ولكنهم يحملون ثقافة واحدة هي ثقافة كراهية الحياة.