مخلد الشمري
أفرحني جدا خبر قرأته أخيرا يتحدث عن إنشاء شخص تونسي «ملجأ» يلجأ اليه الأزواج المضطهدون من زوجاتهم، الذين يجدون أنفسهم خارج بيت الزوجية بسبب معاملة أو عنف زوجاتهم، وسبب فرحي هو ان المجاهرة بذلك الشيء تعني ان تغيرا كبيرا يحصل في المجتمعات التقليدية العربية، وتصدعا مذهلا يصيب الجدار الحديدي للعادات وللتقاليد القديمة البالية، بحيث لم تعد المرأة تمثل وحدها دور الضحية المضطهدة غالبا ان لم يكن دائما في المجتمعات العربية والاسلامية، وان الأزواج أصبحوا - رغما عنهم - يتقاسمون معها هذا الدور.
الكل متأكد من أن هذه الظاهرة الايجابية منتشرة في كل الدول العربية والاسلامية منذ سنوات رغم محاولة اخفائها، لتبقى الصفة القديمة البالية للرجل العربي والمسلم كمسيطر أوحد وحيد على العائلة، لا يشاركه احد في ذلك، مع ان الكل يعلم بأن الرجل لم يعد هو المصدر المالي الوحيد لدخل أغلب الأسر العربية والمسلمة، ولم يعد هو المتحمل الأوحد لشؤون ومسؤوليات الأسرة، ولا أقول شيئا جديدا ان ذكرت أن أغلب من يفكرون بالزواج من رجال العرب والمسلمين يكون شرطهم الأول وربما الوحيد هذه الأيام عند البحث عن زوجة هو ان تكون موظفة عاملة والأولوية لذات الراتب الأعلى والوظيفة الأفضل وهذا هو سبب أساسي للتغيير، فمن يريد ان تشاركه زوجته في تحمل المسؤولية المادية، عليه ان يتحمل بل ويقبل بكل فرح ان يكون مضطهدا وضحية في نصف المرات وبالتساوي.
لذلك على بقية المجتمعات الاسلامية والعربية بالذات، ألا تكابر، وألا تخفي ما لا تستطيع اخفاءه في زمن التصدع والتغير الايجابي هذا، وان تعترف بإقدام وبشجاعة بأن الرجل والمرأة متساويان في كل شيء في ادارة شؤون المجتمع وتولي مسؤولية العائلة وهموم الحياة، وأيضا في تبادل اللكمات والبوكسات وتبادل دور الضحية، خاصة ان الجميع يعرف ان هناك كثيرا من المجتمعات العربية أصبح دور الرجل فيها - ومنذ زمن - هامشيا وثانويا أو وهميا ان لم يكن لا دور أو قيمة له على الاطلاق، ولكن من يجاهر ويقدم ويتشجع على الاعتراف بهذه الحقيقة المرة والمرعبة والمكروهة للبعض و«المفرجة» جدا لدعاة العدالة الاجتماعية والمساواة في كل شيء بين الجنسين.