مخلد الشمري
لن يتعجب في هذا العالم لو علم بأن معدل قراءة الإنسان العربي هو بضع صفحات سنويا، في مقابل معدل 11 كتابا يقرأها المواطن الاميركي و7 كتب يقرأها المواطن البريطاني في السنة الواحدة؟!
ولن تنفع محاولات بعض المسؤولين الرسميين عن الثقافة في بلاد العرب لتلطيف واقع القراءة الأليم في المنطقة العربية، ولن يصدق احد تبريراتهم بأن شبه انعدام القراءة لدى الإنسان العربي ترجع اسبابه لانتشار القنوات الفضائية التلفزيونية، وهو تبرير سخيف وغير منطقي وغير مقبول، حيث ان الفضائيات والكيبل التلفزيوني والسينما وكل وسائل اللهو المتعددة الأخرى منتشرة ومنذ عقود طويلة في دول الغرب وفي الدول الأخرى التي يشابه عشق مواطنيها للقراءة عشق مواطني الغرب لها!
ففي مقارنة بسيطة جدا سيظهر ويتضح للجميع حجم الفجوة الهائلة جدا في مستوى الثقافة وحب القراءة والاطلاع بين عالم متقدم أصبحت القراءة جزءا مهما اساسيا من حياة مجتمعاته اليومية ويستغل افراده دقائق الانتظار والوقوف بالطوابير في القراءة والاطلاع، وبين عالم عربي لا تصل عدد الكتب التي تترجمها سنويا مؤسسات جميع دوله الرسمية والأهلية ودور النشر الخاصة، الى الرقم الذي تترجمه دولة متوسطة المعدل - سنويا - في ترجمة الكتب مثل اسبانيا!
أما مسألة انتشار وترجمة وبيع وعرض الكتب والروايات الحديثة والشهيرة والجديدة فحدث ولا حرج، وهي مأساة أخرى جديدة في المنطقة العربية، ففي الوقت الذي بيعت فيه عشرات إن لم تكن مئات الملايين من نسخ الجزء الأخير للرواية الشهيرة «هاري بوتر» في كل أنحاء العالم بعد طرحها بأسابيع، لم تترجم تلك الرواية حتى هذه اللحظة للغة العربية، بل ان نسخ اجزائها السابقة باللغة الانجليزية لم يبع منها سوى بضعة آلاف من النسخ في كل المنطقة العربية!
إن مشكلة الثقافة في المنطقة العربية ترجع اغلب وأهم اسبابها لمأساة عدم التعود على القراءة، وهي مأساة تبدأ بمرحلة الطفولة عندما يبدو كل كتاب أو رواية تذكيرا بالكتب الدراسية المكروهة غالبا لدى اغلبية الطلاب العرب - حتى إن كان محتوى الكتاب لا يشابه نهائيا الكتب الدراسية - وذلك بسبب الطريقة الخاطئة والمكروهة والبدائية والمتخلفة لإعداد المناهج وتدريس كتبها!
أما المأساة والمصيبة الأخرى فهي في أشباه المثقفين وأشباه الكتّاب من الذين يفاجأون ويتعلثمون ولا تجد لديهم جوابا عندما تفاجئهم بسؤال عن آخر ما قرأوه من كتب!
أما الأكثر مأساوية من ذلك فهو عندما تكون على معرفة ببعض الأشخاص وتفاجأ بأنهم يكتبون بالصحف والمجلات وأنت متأكد وتعلم جيدا بأنهم لم يقرأوا كتابا حقيقيا واحدا أو رواية شهيرة واحدة في حياتهم!