لو دققنا في أحوال أي مجتمع ما تكثر فيه الصراعات الاجتماعية ويعاني أفراده صعوبة في الانصهار مع بعضهم فسنشاهد بوضوح «التعصّب» كغيمة سوداء تغطي سماء هذا المجتمع، ولو بحثنا عن أهم أسباب الحروب والمآسي التي حدثت في العالم منذ بدأ الخليقة، لطل علينا رأس «التعصّب» كأهم وأول الأسباب لتفجير المشاكل، فالتعصب ليس آفة هذا العصر فقط بل آفة كل عصور هذه الحياة، فالتعصب نقيض العقل والتسامح والتقدم والمساواة ومفسد للمحبة وللحوار والانفتاح على الآخر وقاتل للتفوق وتحقيق الطموح والأحلام الجميلة. وباختصار التعصب نقيض كل شيء جميل في هذه الحياة ونقيض لكل القيم والمبادئ النبيلة التي تدعو لها كل الاديان والمعتقدات والاعراف.
الحياة جميلة بدون تعصب وستكون أجمل أكثر لو حرص افراد أي مجتمع على ألا يكون للتعصب حيز ولو صغيرا في مجتمعهم وحتى لو كان ذلك مستحيلا فيما يبدو، فعليهم محاصرة أو تقليل هذا الحيز للدرجة التي لا يكون له بها تأثير على حياتهم، لأنه لو منحت وأعطيت أي فرصة للتعصب والمتعصبين لكبر في المجتمع، سواء بتعمد أو بغير تعمد ولأصبح من أعطوه ومنحوه تلك الفرصة هم أول ضحاياه بل وحطبه الذي سيحرقهم ويحرق مجتمعهم. فانبذوا التعصب والمتعصبين لكي تبقى حياتكم طبيعية وجميلة ومستقرة وهانئة ولا تشوبها شائبة، وصدقوني إن حياة مستورة وعلى قد الحال يسودها الاحترام والود والالفة والتسامح بين الناس، لهي أفضل ملايين المرات من حياة رفاهية وغنى تسودها الغيرة الشديدة والحسد والحقد والتعصب ولا ينتظرها سوى عود ثقاب لتحرق وتدمر كل شيء بحيث لن يبقى سوى رماد يجلس المتعصبون على تلاله، هذا إن بقوا هم أصلا.
[email protected]