مخلد الشمري
كتبت هذا المقال - مرغما - «رغم أنني» أمر بفترة حزن عميق وهائل وأليم بعد أن خطف الموت قبل أيام وفجأة ومرة واحدة ودون مقدمات ابنين اثنين بعمر الزهور والورود والرياحين وكل شيء جميل من أبناء شقيقاتي العزيزات، وأيضا رغم أنني عاهدت نفسي - محبطا - بعدم الكتابة مجددا عن قصة معرض الكتاب السنوية - والمملة - التي أصبحت على كل لسان والتي تختزل وتختصر بالمقصلة السنوية أو المنع السنوي الفلكلوري والعشوائي والمحزن لمئات من الكتب من العرض في أيام اقامة معرض الكويت الدولي للكتاب، وكأن تلك المئات من الكتب التي يطالب ويفرح سنويا لمنعها المتطرفون، ويمنعها بسهولة من العرض مسؤولو المجلس والمعرض والرقابة هي عدد قليل في نظرهم، أو كأن المنطقة العربية في نظرهم أيضا تنتج وتؤلف وتطبع سنويا عشرات الآلاف من عناوين الكتب الجديدة الجادة.
إن منع أي كتاب بل وأي صفحات وحتى جملة واحدة من أي كتاب هو عبث كبير وخضوع للمتطرفين ولكارهي الحياة والثقافة ومحبي العيش بالظلام، بل ويساهم هذا العبث وهذا المنع في خلق وايجاد اللاتسامح والتطرف وزيادة التعصب والكراهية بين الناس، لهذا وبكل حب تمنيت ان أكون وسط كوكبة هؤلاء المتنورين الذين اعتصموا - بسلام - واحترام وأشعلوا الشموع قبل أيام احتجاجا على منع الكتب واحتجاجا على الخضوع والاستسلام لهؤلاء المتطرفين الذين يفرحون ويهللون لمنع الكتب سنويا.
ولأني لم استطع أنْ أكون بينهم يومها لتواجدي في عزاء ابني شقيقتي العزيزتين، فإني أكتب هذا المقال متضامنا وأنشره كشمعة جديدة تضاف الى شموع الاعتصام السلمي التي أنارها وأشعلها متنورو العقول في وطننا احتجاجا راقيا على كل من يطالب ويفرح ويمنع ويسجن بقسوة الكتب والثقافة، وذلك وبعد أن أصبح معرض الكتاب السنوي الكويتي - وللأسف - في أسفل القائمة، مقارنة بمعارض كتب منطقة اقليمنا، وهو نتيجة طبيعية وحتمية للاستسلام وللخضوع لكارهي الثقافة والحياة من مختاري ومحبي العيش بالظلام.