مخلد الشمري
من سيرحمنا من بيانات الأحزاب والجماعات والتجمعات المتطرفة واللاشرعية واللاقانونية، التي تتكاثر - بالذات - قبل اتخاذ القرارات المهمة بالبلد، لإرهاب ولتخويف ولبث الرعب في أنفس وقناعات وخيارات أفراد ونواب مجتمع الكويت المسالم الصغير؟ ومن سيوقفهم عند حدهم وحدودهم هؤلاء الذين يكرهون العيش والحياة تحت مظلة قوانين أو دستور، وضع لتنظيم حياة الناس في الدولة، والذين لا هدف لهم في هذه الحياة سوى العمل لإجبار المجتمع على العيش تحت قوانينهم.
ففي زمن الجهالة وجمود العقل والمشاعر والخوف من بيانات وفتاوى تلك الجماعات والأحزاب لا تستغربوا أو تتعجبوا أو تتساءلوا عن رواج تجارة الفتاوى، وما يشابهها من تجارة لا تلاقي سوقا ومرتعا ومسرحا للتسويق وللعمل الا في مجتمعات مثل مجتمعنا الذي يستخدم كل أفراده تقريبا كل أدوات الحضارة والتمدن والتطور من اختراعات وصناعات، ومع ذلك لا يريد ولا يرغب كثير من أفراده التعود على التأقلم ولو قليلا مع العيش تحت ظل قوانين راقية متمدنة ومتحضرة تربطه وتشركه ببقية المجتمعات وتجعله جزءا من عالم متحضر يخضع فيه الناس للقانون - فقط - وليس لبيانات وأفكار المتطرفين.
لهذا - وفورا - وقبل التحسر والندم والألم والتحسف وقبل تذكّر قصة الثورين الأبيض والأحمر «نتمنى» على السلطات في بلدنا اعادة الاعتبار للمدنية ولدولة القانون الدستورية، ونتمنى عليها أيضا ان تستخدم كل الوسائل المألوفة والقانونية - أو غير المألوفة - ليفيق أصحاب الأحلام والأهداف «غير الوردية» من سباتهم ومن خيالاتهم المريضة التي يتخيلون بها التحكم برقاب مجتمع الكويت ويتخيلون بها فرض أجنداتهم وثوابتهم وقوانينهم، وذلك قبل ان نجبر على العيش تحت رحمة كوابيس أصحاب البيانات والفتاوى، هذا ان سمحوا لنا أصلا بالاستمرار بالعيش في هذه الحياة.