مخلد الشمري
أنا في صراع «عنيف» مع هذه الحياة حتى لا تسحقني وحتى لا تجردني وتزيل من نفسي أفضل ما غرست بها من أشياء وحتى لا أرفع راية الاستسلام الأبدي، وبالتالي الخضوع لفكرة ان علي قضاء جل وكل أيام حياتي بشكل قاس ومرير دون أن أشاهد شيئا أحسن، بل ودون حتى مجرد الأمل في تغير طفيف في الظروف أو بقدوم يوم أفضل.
جعلتني ظروف الحياة امرأ غير اجتماعي حتى وان اعتبرني كثيرون غير ذلك، بل حتى لو كنت أقضي معظم أوقاتي بين الناس - ولدي كل الشجاعة - بالقول ان حياتي لو انتهت وانقضت بعد اللحظة التي أنهي بها كتابة هذا المقال «لكانت» مثل حياة أي انسان عاش لأجل لا شيء و«لشابهت» حياة أي شخص عاش كأنه لم يعش أبدا.
يقال ان خبرة الانسان في هذه الحياة تزداد بقدر صبره على أقسى وأمرّ أيامها وأوقاتها، ولكن ما فائدة هذه الخبرة - ان كان - الانسان تماما كالوردة يذبل ويذوي في لحظة واحدة؟
ومع ذلك فإني لست بمتشائم ولست بنادم ولست بناقم أو حاقد على هذه الحياة أو على قسوة أي يوم من ايامها أو على مرارة أي لحظة من لحظاتها - ولا تقسوا عليّ أنتم كذلك - يا من تقرأون هذا المقال ولا أطلب منكم كذلك ان ترثوا لحالي، فما كتبته أعلاه مجرد أفكار تكمن خلفها ظروف وأسباب ما تجعل أي امرئ حساس وحي مثلي «يفكر» ويتأمل كثيرا في ظواهر هذه الحياة ويتساءل كثيرا عنها، ويكتب - أيضا - عنها المقالات.