مخلد الشمري
بصراحة ما بعدها صراحة لا يوجد في ساحتنا المحلية اي معنى حقيقي ولو بسيط، لمفهوم الحراك السياسي او الاجتماعي، فما يوجد لدينا وبكل فخر أليم ما بعده فخر هو مفهوم اقرب كثيرا لـ «الحراج» الاجتماعي والسياسي، مع التقدير الكبير والعظيم لكل ناشطة او ناشط ولكل شخص حاول، بحسن نية، المشاركة والعمل والإنتاج بساحتينا السياسية والاجتماعية المحليتين على اساس انهما فعلا ساحتان للحراك السياسي والاجتماعي!
وفي خضم البلبلة و«الحوسة» المعتادة التي نبتلى ونحتاس بها اثناء كل انتخابات ستقرأون وستسمعون كثيرا عن طرح ما يسمى بـ «البرامج الانتخابية» او الاهداف او النوايا الانتخابية التي تدعو للصالح العام، وهي امور لا تخرج عن كونها «كلام فاضي وكلام في كلام»، وبالأحرى لا تخرج عن كونها تنظيرا وهميا على الورق، وتقليدا اسميا فقط لما يحدث اثناء الحملات الانتخابية قبل اي انتخابات متحضرة في اي مجتمع متحضر، في اي دولة متحضرة لا يوجد في انتخاباتها نهائيا تعصب أعمى للطائفة او للمذهب او للقبيلة او للفئة او تعصب لأي شيء من الاشياء التي تفرق وتدمر المجتمع.
وباختصار كبير مع حزن اكبر، نقول انه بعد نصف قرن تقريبا من قيام وبدء تجربتنا التي يقال انها ديموقراطية او شيء يشبه ذلك، لا اعتقد ان وطننا تطور كثيرا ومجتمعنا استفاد او تغيرت طباعه للافضل وللأحسن ولو قليلا بفضل هذه التجربة، فالنتيجة شبه الوحيدة التي توصلنا اليها هي تغليب المصالح الفئوية الضيقة الخاصة على مصلحة الوطن والمجتمع، وان كان كثير من مواطنينا، ودون وجه حق، يفاخرون بهذه التجربة امام دول اخرى او مجاورة - لحسن الحظ - لم يكتب لها المرور بمثل هذه التجربة الكويتية المزعجة التي يقال انها ديموقراطية، تلك التجربة التي اهدرت واضاعت 50 عاما من عمر وطننا، كانت بدايتها جميلة ومثيرة، ثم تحولت الى تجربة مريرة لا احد يعرف الى اين ستصل بنا؟
ولكيلا يلتبس الأمر على القراء وعلى البعض الذي نعرفه ويعتقد اننا ندعو ونطالب بوقف العمل بالديموقراطية، نود ان نوضح ونعلن ان تقييم هذه التجربة هو ما ندعو اليه ونطالب به، حتى ننطلق الى تجربة جديدة تحقق الاصلاح ونفتخر بها فعلا، لا تدمر مجتمعنا او تفرقه ولا تجمد وطننا، ولا تعطي فرصة، حتى ولو لمرة واحدة، لهؤلاء الذين لا تقلقهم ولا تهمهم مصلحة الاوطان، فمصلحة وطني الوحيد الكويت ومصلحة مجتمع الكويت ومستقبل افراده واجياله اهم من كل تنظير ومن كل تعصب بغيض ومن كل كلام معسول لا يراد به «سوى باطل».