مخلد الشمري
عندما يرتفع مؤشر البورصة ويصبح الاخضر فقط لونه الوحيد، تصبح ايام واوقات روادها ومدمنيها افراحا وسرورا واعيادا، بل ويطالبون الحكومة بأن تبقى بعيدا عن بورصتهم لان تجارة البلد حرة واقتصاد البلد رأسمالي حر، وهم احرار بما يفعلونه داخل مبنى محبوبتهم وبورصتهم الفخم الانيق الذي يجمعون ويجنون ويكرفون منه ارباحا وارباحا تجعل لياليهم ملاحا.
وعندما يواصل مؤشر البورصة ارتفاعه وتحليقه، يتواصل الفرح والسرور ويستمر ارتفاع اصوات ضحكات وقهقهات وقفشات المتداولين والمساهمين والمضاربين ومن يسير ويدور في فلكهم، وتستمر هكذا وهكذا باستمرار ارتفاع واخضرار المؤشر وتحطيمه للارقام القياسية.
ولكن عندما ينخفض مؤشر البورصة ويتراجع، تتراجع معه القفشات والضحكات وتختفي اصوات القهقهات، وتتبدل الى بكاء وعويل وصرخات وتحمل الحكومة سبب خسائرهم واوجاعهم ويطالبونها بالتدخل الفوري السريع لترجع لهم المال الذي تبخر وطار ثم استقر، في بطون هؤلاء الذين يتلاعبون بحرفنة ما بعدها حرفنة بافكار وبأعصاب هؤلاء الباحثين عن الثراء السريع، من الذين ادمنوا «المداومة» بمبنى البورصة، والقبوع بكراسيها منذ الصباح حتى الظهيرة واعينهم تراقب دون ملل مؤشرها وشاشات تداولها ثم يزعجوننا كل مساء بالحديث الدائم عنها بالمجالس والدواوين.
لا ادري ان كان اغلب المتعاملين يفهمون العمل بالبورصة او يفقهون شيئا عن قوانينها، او يعرفون اصلا معنى كلمة بورصة، ولكن ما اعرفه انهم لو فهموا قليلا المعنى الخفي للبورصة وانهم لو فقهوا بسيطا بالقانون الخفي الحقيقي للبورصة، لما قربوا مبناها، ولما اقترضوا وبعثروا بها الاموال، وذهبوا بعيدا بالتخيلات والتهيؤات وبالآمال لثراء سريع، لن يحققوه او يصلوا اليه حتى بالاحلام.