مخلد الشمري
في هذه الحياة، ليس هناك أسوأ من سوء التخطيط، سواء على مستوى الدول أو الأفراد، وشخصيا كنت ومازلت حتى هذه اللحظة أول ضحايا سوء التخطيط على مستوى الأفراد، هذا ان اعتبرت نفسي قد خططت يوما لأي أمر وشأن من شؤون حياتي، اما الأسوأ من ذلك فهو معرفة الدولة أو الفرد قيمة امكانيات وموارد وقدرات امتلكوها، ولكن بعد فوات الأوان وبعد ان تكون تلك الامكانيات والموارد والقدرات قد نضبت أو انتفت قيمتها وفائدتها.
والأكثر حزنا من ذلك هو معاصرتنا لسوء التخطيط هذا، ولهذا التخبط والتعثر الذي يعاني منه وطن صغير اسمه الكويت، يتعجب المرء كيف وصل به الحال لذلك، رغم امتلاكه لأهم مورد ينتج ويصدر الى العالم، وهو مورد يحول التراب الى ذهب، ولكنه لا يحول العقول الجامدة الى عقول فذة، لتستفيد أشد الاستفادة من وجود هذا المورد العظيم.
هناك قول جميل ومعبر وهو ان من يعمل اليوم بعقلية الأمس، لن يحقق شيئا غدا، فما بالك بمن يتخطبون هذه الأيام، ويديرون شؤونهم وشؤون بلدهم بعقلية متخلفة لا هي عقلية الأمس، ولا هي حتى عقلية قبل الأمس أو عقلية الماضي البعيد، هذا ان اعتبرنا هذا التخبط وسوء التخطيط هو أصلا نتيجة مأساوية لعقلية فكرت أو ما زالت تفكر، حتى وصل بنا الحال لهذه الفوضى العارمة، والخالق وحده يعلم الى أين سنصل معها.
وليعلم هؤلاء المتخبطون وقبل فوات الأوان والبكاء على الاطلال، وعلى فقدان الأندلس، ان ما يسمى بالنفط هو حظنا الوحيد في هذه الحياة، ولولا «النفط» لبقينا حتى اليوم مجتمعا بدائيا وأقل من بدائي، لا يعرفه أحد ولا قدم إليه أحد، كما يتأتي الكثيرون هذه الأيام إليه للاستفادة «وللغرف» من هذا الحظ الوحيد والناضب بالتأكيد في يوم من الأيام.