مخلد الشمري
يتعامل بعض ارباب وربات البيوت والشقق مواطنين ومقيمين مع عمالتهم المنزلية معاملة غير انسانية حتى ان ادعوا عكس ذلك، ويطلبون منهم دائما ما يصعب طلبه كإتقان اللغة العربية او لهجة افراد العائلة خلال ايام، أو القيام بكل المهام في نفس اليوم أو الوقت، وكأن هؤلاء المساكين، الذين اجبرتهم ظروف هذه الحـــياة على امتهان مثل تلك الوظائف المتدنية والصعبة، هم سوبر بشر او اشخاص متخصصون يحملون شهادات اكاديمية عليا في فن ادارة الشقق والمنازل والاشراف التام عليها، مع ان كثيرا من العاملات بالمنازل حصلن فعلا وحقيقة على شهادات معاهد او جامعات، ولكن ظروف الحياة القاسية على اهاليهن وعائلاتهن اجبرتهن على العمل في بيوت وشقق مواطنين ومقيمين لا يحمل كثير من اربابها ورباتها شهادات او صفات ايجابية سوى ان بمقدورهم دفع الراتب الشهري، هذا المبلغ الزهيد الذي لا يتعدى في اقصى احواله 50 دينارا، هذا ان دفع بانتظام او لم يقم احد افراد العائلة بتسلفه.
وليعلم من لا يريد ان يعلم او لا يريد ان يفهم ان تـــــنوع ظروف هذه الحياة في هذا الكوكب السبب الرئيسي في تنوع امتهان وممارسة البشر لأعمال مختلفة كثيرة يتكيفون معها حسب ما تمليه عليهم ظروفهم، الا ان هذه الظروف وهذا التكيف معها لم يمنع ان يتبوأ اهم واعلى المناصب من عمل آباؤهم في أدنى الاعمال واوضعها واصعبها، خاصة في الدول التي يعامل فيها الانسان حسب كفاءته وليس لأي سبب آخر، وهي دول الغرب فقط، التي لا يتعجب اي شخص ان سمع ان رئيسا لأي من دولها كان والده مصلح احذية او «حانوتيا»، او ان وزيرا كانت والدته تمتهن الخياطة.
أما سبـــــب كتـــــابة هذا المقـــال فهو الدعوة لاحترام وتقدير من يمتهن مثل تلك الوظائف، التي لابد من وجود من يمتهنها في هذه الحياة شئنا أم أبينا، ولكن الظروف هي الحكم، اما السبب الآخر والمهم فهو تقديري الشخصي وفخري الكــــبير والعظـــيم بكل انسان يمتهن مثل تلك الوظائف الصــــعبة، مثل السيد المحترم ميشيل تشالز الذي نشرت قبل ايام اغلب وســــائل اعلام بريطانيا وتقديرا له خبــــر تــــقاعده عن العمل بعد ان امضى 41 عاما في خدمة المجتمع بوظيفة جامع للقمامة، تلك الوظيفة المهمة الضرورية التي يلاقي كل من يمتهنها التقدير في الغرب وليس الاذلال او التحـــقير، وللاسف كما في عالمنا العربي وما يشابهه من عوالم.