مخلد الشمري
في بداية الثمانينيات وعندما كنت شابا مراهقا مثاليا وطالبا شبه مجد في المرحلة الثانوية كنت معجبا اعجابا شديدا، اعتبره اليوم سذاجة ما بعدها سذاجة، بمجلس الامة لدرجة كنت معها اضيع ساعات من وقتي غير الثمين والضائع اصلا في قراءة مضبطات جلساته التي تنشرها الصحف كلمة كلمة وفي متابعة اخبار اعضائه وتصريحاتهم وتفحص صورهم واشكالهم طويلا، ومتعجبا وكأنهم جاءوا للكويت من كوكب آخر، حيث انني وقبل مجلس عام 1981، لا اتذكر او اهتم بشيء اسمه مجلس الامة الذي كان قد حُل حلا غير دستوري عام 1976 في نفس سنة انهائي للمرحلة الابتدائية متفوقا اشد التفوق، ومع مرتبة الشرف الاولى.
اما اليوم – ولحسن حظي – فلقد انعكس الوضع وتغير الحال بعد ان نما العقل وزاد الفكر فأصبحت اشمئز واتشاءم من رؤية وقراءة صور واخبار وتصريحات الاغلبية الساحقة من اعضاء مجلس الامة، لدرجة انني ابدلت قراءة الصحف المحلية بقراءة الصحف العربية كالحياة والشرق الاوسط لمتابعة اخبار بلدي الكويت وهي غير مصحوبة بصور واخبار اعضاء مجلس الامة وتصريحاتهم التي يبدو امامها اعضاء الكونغرس الاميركي بمجلسيه النواب والشيوخ كطلاب مرحلة ابتدائية، في فهمهم وممارستهم واستيعابهم لاصول ومبادئ العمل البرلماني والديموقراطي.
وبصراحة ما بعدها صراحة، ودون اي دجل او نفاق او مجاملة: لم تعد هذه المؤسسة المسماة بمجلس الامة، تثير اعجاب اي مواطن قلق على وطنه، وبالاحرى لم تعد الاغلبية الساحقة من اعضاء تلك المؤسسة تثير اعجابنا او ادنى اهتمامنا حتى وان اتقنوا وبرعوا في فعل كل التصرفات اللامسؤولة والاشياء اللامعقولة والمجنونة لجذب انظارنا واهتمامنا واعجابنا، اما مجلس الامة كمبنى خرساني وحجري فهو جماد وميت وسيبقى جامدا و«شابع موت»، ما دام لم يحو اعضاء ونوابا يعيدون اليه اعتباره وسمعته كمؤسسة وطنية وكسلطة تشريعية حقيقية مفيدة للوطن وللمجتمع، ويحيونه بنقاشات وبتصريحات وبتصرفات مسؤولة، وليس بممارسة المهاترات والفوضى باحتراف.
وهذا الشيء وهذا السلوك هو اضعف الايمان واقل سلوك وتصرف يمكننا قبوله على مضض لكي يعيد كل مواطن قلق على الكويت الثقة بهذه المؤسسة المسماة بمجلس الامة التي تحولت في العقود الاخيرة، وللاسف، الى وكر للفساد والى عبء كبير وهم عظيم على قوانين الامة وعلى موارد الامة وعلى مبدأ العدالة والمساواة بين افراد هذه الامة.