مخلد الشمري
ظاهرة عجيبة انتشرت في المجتمع كالنار في الهشيم، ويبدو انها ستستمر في الانتشار مادامت ترسخت تلك الظاهرة كمعيار واداة رئيسية في اذهان الكثيرين، انها اسهل الوسائل للوصول ووسيلة لإكمال الفخفخة «المزيفة»، وهي بالاصل وسيلة للكذب على الناس وقبلها الكذب على النفس.
هذه الظاهرة هي الاستخدام والتفاخر المفرط والمرضي بالالقاب العلمية والعملية، مع ان اغلبها هذه الايام من نوعية ألقاب «شيل على خمسين» تلك الصيحة التي كان يصيح بها باعة الخضار كدليل على رخص بضاعتهم ووفرتها غير المفيدة.
لقد ضعنا بين سماع وقراءة الالقاب التي لا معنى للتفاخر بها او لا قيمة لاغلبها ـ تسبق ـ اسماء الكثيرين الذين يطنطنون بها في كل لحظة، وكأن من يحملها يعرف كل شيء ومتخصص في كل شيء، او كامل بكل شيء، فما بين لقب دكتور ناله كثيرون دون تعب ودون حتى المرور بدراسة الماجستير، بعد ان اصبحت هذه الدرجة العلمية الراقية تباع بأرخص الاثمان في اسواق جامعات المنطقة العربية وما يشابهها، وبين لقب مهندس، هذا اللقب الصعب الذي اصبح يهندس له هذه الايام بكل خبث وسهولة لنيله بطرق في اغلبها لا شرعية ولا اخلاقية مثله مثل الدكتور، ناهيك عن القاب مثل نجم النجوم ونجم الملاعب ونجم السياسة ونجم الشاشات ونجم المسرح ونجم الثقافة وغيرها من نجوم باهتة ظهرت بكثرة وبسهولة في البلد في زمن غرب فيه نجم كل شيء جميل بالكويت.
اما اغرب الالقاب التي سادت وغمرت الساحة الكويتية مؤخرا فهو لقب ناشط سياسي، حيث اصبح البعض يضيفه بكل سهولة الى اسمه وكأنهم مثل هؤلاء الناشطين السياسيين الصينيين الذين قضوا دهسا فداء لقضيتهم تحت جنازير الدبابات الصينية في ساحة تيان مين عام 1989، والاغرب من ذلك هو لقب ناشط اجتماعي الذي يفتخر به البعض ويتاجر به آخرون في الكويت وكأنهم يشابهون هؤلاء الناشطين الاجتماعيين الذين يلفون المدن ويمشطون الشوارع في بلدانهم في درجات الحرارة المتجمدة بحثا عن المشردين لايوائهم واطعامهم ومعالجتهم.
باختصار شديد، اقول لكل من يتاجر ويتفاخر بلا معنى بمثل هذه الالقاب والصفات في الكويت انتم لستم بأشهر ولا بأفضل ولا حتى بدرجة واحدة من «جو السباك»، المواطن البسيط الذي كان نجم نجوم الحملات الانتخابية لانتخابات الرئاسة الاميركية الاخيرة «وفكونا بقه».