مخلد الشمري
كانت الأسابيع القليلة الماضية أسابيع صعبة جدا على كل من يمارس الكتابة الحرة في هذه البقعة التعيسة من العالم والمسماة بالمنطقة العربية، وإني متأكد من أنه وقتها كانت تتولد بكثرة رغبات التوقف النهائي والأبدي عن الكتابة عند كثير من الكتاب الأحرار لولا عشقهم للكتابة واعتبارهم لها أنها الشيء الوحيد الذي يعزيهم باضطرارهم للعيش وسط مجتمعات المنطقة المنفصمة والفوضوية التي لا تتقبل الرأي الآخر، ولا يحلو لها في الأوقات العصيبة سوى سماع عويل الضحايا ونحيبهم دون أن تستطيع عمل أي شيء لهم.
لقد أصبح كل كاتب حر في هذه المنطقة يواجه اتهامات معلبة وجاهزة بالتخوين والعمالة وبالعمل على إضعاف الشعور القومي بمجرد طرحه لرأي يخالف توجهات هؤلاء الذين يتاجرون بالدين والقومية الممنوع انتقادهم حتى لو اخطأوا وحتى لو جروا كل شعوب المنطقة العربية للإبادة والتدمير بسبب تصرفاتهم ومغامراتهم العديمة الفائدة والخالية من أدنى إحساس بالمسؤولية ومن أبسط فهم للتكتيك الاستراتيجي.
لقد أصبحت خيارات الكتابة الحرة ضعيفة جدا في زمن تسلط فيه المتاجرون بشعارات الدين وبالقومية على كثير من شعوب ومقدرات المنطقة، ورغم ذلك سنستمر وسنستمر في ممارسة الكتابة الحرة لفضحهم ولإيقاظ شعوب المنطقة من سباتها الذي سببه تخديرهم بشعارات ومزايدات الدين والقومية تلك الشعارات التي أنست شعوب المنطقة كل شيء طبيعي وعقلاني وجعلتهم فقط أدوات للكذب وللتهييج الذي لم يستفد منه أي إنسان بسيط في هذه المنطقة فقد قريبا أو محبا له أو دمرت ممتلكاته وحياته بسبب مغامرات المتاجرين بالدين وبالقومية الذين نراهم هذه الأيام يتقبلون التهاني بادعاء نصر هو أبشع من أي هزيمة.