مخلد الشمري
لست بمفش لسر ان ذكرت لكم أني اشعر بملل غريب من العيش مع بشر هذا المجتمع، ولا أبالغ ان قلت لكم إنني بدأت اشعر بفقدان الذاكرة، ويبدو أن فقدان الامل بالطريق بسبب اضطراري للتواجد وسط هذا المجتمع.
يقال ان ما هو اصعب من الألم ان تعيش وسط بشر لا تعرف غالبيتهم معنى الألم خاصة ان كنت انسانا مفرط الاحساس بآلام الآخرين ولا تستطيع التحكم في مشاعرك وعاطفتك، فيتراكم هذا الألم فوق ما تحمله بداخلك من آلام شخصية.
يزداد عمرك فتزداد مشاعرك الحزينة، فينطبع ذلك تلقائيا على ملامحك، وبالذات في هذه السنوات التي اصبحت فيها الفضائيات تنقل لنا الحزن والألم على الهواء مباشرة، واذا كان العالم قد تحول الى قرية صغيرة بفضل ثورة الاتصالات، فإنه تحوّل في نفس الوقت وبفضلها الى مقبرة كبيرة ولمراسم عزاء لا تنتهي بسبب تلك الفضائيات التي تركت البحث عن الخبر وتفرغت للاتجار بمعاناة وآلام البشر.
امثالنا يحاصرهم الألم والحزن من كل اتجاه، حزن وألم لا ينفع معهما حتى فسحة الأمل.
وماذا يمكن لأمثالنا غير التسلي بأحزانهم وبآلامهم،ونحن الذين من المستحيل قبولنا المشاركة بحفلات الدجل والنفاق السياسي والاجتماعي والثقافي التي اصبحت سمة هذا المجتمع العصرية.