مخلد الشمري
جرب كل كويتي كان مدركا للحياة وللأشياء في أغسطس 1990 معنى فقدان واغتيال الوطن «عمليا»، ووقتها تحطم واحترق قلب وصدر كل مواطن كويتي حبه وعشقه وولاؤه فقط للكويت وكل من شعر يومها بأنه لا قيمة لأي شيء بعد فقدان الوطن ـ واليوم ـ أصبح كثير منّا يتنافسون بوقاحة وبخبث كل فترة واخرى في العمل لاغتيال وطننا «معنويا»، والاغتيال المعنوي للوطن ليس بالضرورة ان يكون فقط بالضرب بقوانين الوطن ونظمه عرض الحائط أو بمحاولات متكررة لضرب الوحدة الوطنية في «مقتل»، بل يكون ايضا بتضييع وقت الوطن والمجتمع بتفاهات لا تنتهي، غلّف بعض منها بمسمى استجوابات.
يبدو ان الأجوبة والحلول والحكمة في الكويت لا تأتي عندما تكون الحاجة ملحة لها، وان وصلت فإنها تصل باردة وباهتة ومتعبة ولا قيمة لها وبعد ان يتسع شرخ احساسنا بفقدان الثقة والأمل في كل شيء بالكويت، وهذا الهدف الأسود يبدو انه الهدف الخفي أو الهدف الوحيد الذي يعمل لأجله كثير من هؤلاء الذين يطلق عليهم جزافا في الكويت الشخصيات العامة الكويتية وبالذات رجال السياسة.
قالوا قديما ـ إن ما لا تراه العين لا يحزن عليه القلب ـ واليوم نحن الكويتيين من العاشقين والموالين فقط لوطننا يحزننا ويحز في قلوبنا وأنفسنا ما نراه ونشاهده من أحداث بائسة تزيد هموم ومعاناة الوطن والموالين له، أحداث تعيسة ومغبرة سياسيا واجتماعيا وثقافيا ورياضيا ونقابيا ـ لا تفرح لها ـ سوى وجوه فاقدي الإحساس بالوطن ـ ولا تلمع بها ـ سوى جبهات رؤوس هؤلاء الذين لا يهمهم هذا الوطن ولا حاضره ولا مستقبله ولا وجوده.