مخلد الشمري
لم أفاجأ بالأسئلة «المضيّعة» للجهد والوقت التي وجهها بسرعة البرق نائب سنة أولى برلمان الى وزير الخارجية بشأن تصريحات عادية جدا قالتها السفيرة الأميركية في محاضرة لها بأحد معاهد الدراسات السياسية خارج الكويت، نشرها وفسّرها البعض ولأسبابهم النفسية الخاصة بعيدة عن معناها، وبخبث ما بعده خبث.
عدم مفاجأتي بذلك تعود الى أن هذا النائب الجديد «بالذات» أدمن ممارسة هواية توجيه أسئلة برلمانية، كما أن الأسئلة التي لا معنى لها والتي استقصد بها وزراء معينين تعدت وبكثير عدد الأيام التي مضت عليه كعضو مجلس أمة، رغم ان ثلاثة ارباع أيامه كنائب هي أيام عطلة برلمانية صيفية طويلة، ولكن يبدو انه لا يريد الهدوء في ممارسة هوايته تلك لتشككه كما يبدو في استمراره كعضو برلمان لأسباب متعددة يعلمها هو أكثر من غيره، لهذا نشاهده يمارس الضوضاء المستمرة حتى في أيام العطلة البرلمانية.
مقابل ذلك كل من قرأ محاضرة السفيرة الأميركية لم يلاحظ أي استهزاء بالنواب بل كانت محاضرة قيّمة بينت ان الدول الديموقراطية الحقيقية تختار سفراءها بكفاءة ليقوموا بالدور المطلوب الذي تحتاجه مصالح بلادهم، حيث لا دور هناك للمجاملة وللواسطة ولكسر القانون أو لخشمك إذنك، في تلك الاختيارات، لذلك لا يستطيع وللأسف البعض هنا في الكويت استيعاب وفهم دور ومهام سفراء الدول التي تتحكم باللعبة السياسية في هذا العالم، ويا ليت هؤلاء الذين ينتقدون الآخرين حتى على الأشياء غير الصحيحة لا يزعلون ويزعل أصحابهم عند انتقادهم حتى لو كان هذا الانتقاد ضروريا وصحيحا، والكل يعلم انهم ليسوا على استعداد لتقبل الانتقاد والرأي الآخر لعلمهم اليقين بأنه لن يكون إلا انتقادا ورأيا يفضح تصرفاتهم غير الديموقراطية وغير الطبيعية وغير المسؤولة في أغلب الأوقات إن لم يكن في كل الأحوال.
وليعلم نائب السنة أولى برلمان ـ هو وأمثاله ـ إن نسوا أو تناسوا بعمد ان السفيرة هي سفيرة البلد الذي أعاد لنا وجودنا وأعاد وطننا لخريطة العالم والبلد الذي كان له الدور الأعظم والخالد والأول والحاسم في تحرير الكويت، ولولا هذا التحرير المجيد لكنّا بحال لا يعلم تعاسته وصعوبته إلا الله، ولكان حلم هذا النائب بعضوية مجلس الأمة أو أي مجلس آخر في أي مكان كان سيتواجد به في غير الكويت ـ كعشم إبليس بالجنة. والأهم من كل ذلك ان عليه هو ومعه كل من أصابهم النسيان أو نكران وجحد الفضل والجميل أن يعرفوا مرة أخرى ان جميل وفضل الولايات المتحدة الأميركية على الكويت وطنا ومواطنين هو جميل لا يقدر بثمن ولا تعادله كل كلمات وعبارات الشكر والعرفان ولا توازيه كل مليارات الدولارات وبراميل النفط وغالونات الوقود، وكل مواطن كويتي شريف امتلك الحد الأدنى من الوعي والمعرفة والإدراك والإحساس بفقدان الوطن والأرض والوجود أثناء أشهر الاحتلال البعثي الصدامي لوطننا الحبيب ـ عرف يومها وتأكد ـ ان وجود الكويت وكرامة الإنسان في الوطن أهم من كل الأموال والنفط، بل وأهم من مجلس أمة ماذا ستكون فائدة وجوده وقيمته دون استمرارية وجود الكويت.
[email protected]