يصف البعض التعديلات المقترحة على قانون المطبوعات بالكارثية، حتى وإن كانوا هم أنفسهم يستخدمون حرية الرأي استخداما «كارثيا» ويعتبر البعض الآخر تلك التعديلات المقترحة بأنها كبت جديد للحريات أي يعترفون بوجود كبت قديم على الحريات لكنهم لم يحركهم ساكن يومها. أما الشيء الذي يعرفه ومتأكد منه كل هذا البعض ولا يريدون الجهر به أو قوله أو الاعتراف به فهو ان حرية الرأي في البلد «مفصلة» حسب المقاسات الاجتماعية أو الحزبية للكاتب فتصبح بذلك الحرية متفاوتة من كاتب لآخر، فتفقد بذلك الحرية معناها وعندها لن تختلف حرية الرأي قبل أو بعد إقرار التعديلات المقترحة على قانون المطبوعات والتي يعترض ويتباكى عليها البعض ويصفونها بالكارثية.
مَنْ لديه القدرة على الكتابة والقدرة على التحوير والتلاعب بالكلمات والجمل والحروف والألفاظ وإخفاء المعاني ما بين وخلف وبعد السطور، فلن يهتم بأي تعديلات على قانون للمطبوعات وجد لحفظ الحقوق في حال سوء استخدام الحرية، والكاتب المتمكن الفنان ـ الحقيقي ـ يستطيع الكتابة في جميع الأحوال والظروف ويستطيع إيصال ما يريد قوله حتى من خلال ثقب حرية وليس فقط بوجود حرية لا حدود لها تجعل كل من هب ودب وكل من لا مبدأ له وكل عديم الثقافة يقتحم دون مقدمات ميدان الكتابة حتى أصبحت الكتابة هواية كل من لا هواية له ومهنة كل سخيف ومن لا مهنة له.
العجيب الغريب ان بعض من يحمل راية الدفاع عن حرية الرأي هذه الأيام في الكويت هم أناس ووسائل إعلام ـ أبعد ـ ما يكونون عن الإيمان بحرية الرأي أو التضحية لها إن استدعى الأمر ذلك، فتراهم يذرفون دموع التماسيح على حرية الرأي وهم أسوأ من يستخدمونها، بل لا مانع لديهم من استخدام تلك الحرية لإرهاب ولتشويه سمعة أو مكانة من يختلف معهم بالرأي خاصة اننا مجتمع لا يعرف معنى أو قيمة أو حدود الحرية وإلا كيف انتشرت هذه الفوضى في بلد صغير مثل الكويت.
لهذا فإنني شخصيا لا أبالي نهائيا بهذا التباكي على تعديل قانون المطبوعات، ولا تهمني من قريب أو من بعيد تلك الضجة حول تعديل القانون بل لا أعتبر أي تعديلات في حال حدوثها كبتا للحريات أو كارثة أو انتقاصا من حرية رأي هي أصلا منقوصة، وبالعكس أعتبر تشديد العقوبات هو أفضل وسيلة لحماية ساحة الإعلام وبالذات الكتابة من المتطفلين على الكتابة والإعلام وعلى الحرية ذاتها.
[email protected]