مخلد الشمري
لم «تسقط» بغداد في 9 أبريل 2003 «المجيد والعظيم» بل سقط وانتهى وذهب للأبد في مزبلة التاريخ والجغرافيا والرياضيات، «نظام» ديكتاتور ومستبد أوصلت حماقاته وتصرفات عصابته وزمرته مدن وقرى العراق إلى «التخلف» على جميع الأصعدة الاقتصادية والخدماتية والبنى التحتية وقبلها أوصل الأغلبية الساحقة من الشعب العراقي إلى الفقر والعوز والبؤس، ومن يلاحظ ويشاهد الصور التي تبثها وسائل الإعلام من داخل كل العراق يتأكد كل التأكيد ـ وبسهولة ـ من ذلك.
لا تصدقوا ـ مزوري الحقائق ـ الذين يصرحون ويكتبون بكثرة في وسائل الإعلام العربية بأن من حرر وأنقذ العراق من الطاغية «هم السبب» في مشاكله الحالية، متناسين وبتعمد أن القتل اليومي ودفن الأبرياء الجماعي وهم أحياء، والتعذيب والقهر كان السمة والميزة «الوحيدة» للنظام المخلوع الذي «خلعه خلعا» تحالف الخير الذي حرر العراق، كما تجاهلوا هم أنفسهم «وبتعمد أيضا» قول أو فضح تلك الحقائق الأليمة أو على الأقل الهمس بها أو النظر إليها بتعاطف لأن ذلك كان سيحرمهم من الهدايا والرشاوى والأموال الحرام التي سدت أفواههم سدا وملأت كروشهم وأغلقت عقولهم وعيونهم وقلوبهم، هذا إن كانوا أصلا «يمتلكون» عقولا ومشاعر.
من يقوم بالأغلبية الساحقة من الجرائم الحالية في العراق والتي «تُبطىء فقط لا غير» من عودة الاستقرار له هم أيتام صدام ـ لا غيرهم ـ متحالفين مع الإرهابيين والتكفيريين، والمفجرين بأنفسهم من هؤلاء الساذجين المعقدين والمعتقدين أنهم بإمكانهم هزيمة قوات الولايات المتحدة بالدروع والسيوف، كما هو في عصر الزير وعصر داحس والغبراء، وإن كانوا استخدموا السيوف، لقطع أعناق الأبرياء، واستبدلوا الدروع بتفجير أنفسهم وسط الفقراء.
نعرف أن الأمور ليست «وردية» في العراق، بل هي صعبة هذه الأيام، لأن أصلا صدام لم يزرع العراق وردا وزهورا ورياحين بل زرعها طائفية وتخلفا وحقدا وكرها، ومصير ذلك الزوال «بزوال» عرابي ومؤججي تلك الأمور الكريهة حاليا و«نعرف» إن الوصول ـ للوردية ـ ليس أمرا سهلا أو حتى هينا ولكن بإجراء انتخابات ولجوء حضاري لصناديق الاقتراع وممارسة يومية لحرية الكلام والتعبير ووجود ثقافة وصحافة حـرة وشفافية وهــي أمور جميعها كــانـت مــفقودة وغير معروفة للعراقيين فــــــي عهــد الطاغية «الأســود» والمظلم يكـــون العـــراق قد خطا خطوات كبيرة ومهمة وأساسية للوصول إلى الحياة الوردية والاستقرار ولعب دوره الطبيعي والمهم كدولة مهمة، وهو دور سلبه دائما منه الطاغية الذي «حوّله» إلى مقاطعة خاصة به لممارسة القتل والإجرام وحضن الإرهابيين والمنافقين بأنواعهم ومن لف لفهم كما حوّله ولداه المقبوران إلى ملعب كبير موحش يمارسون فيه قهر الرجال واغتصاب العفيفات والشريفات.