طلعت علينا مجاميع صغيرة مغمورة في مؤتمر ما يسمى بالمعارضة أطلق عليها منشئوها مسمى حركات سياسية وأسموها بمسميات ما أنزل الله بها من سلطان، لم نسمع عنها من قبل وليس لها أي وزن يذكر على الأرض، ثم أخذت ترغي وتزبد وكأن جماهيرها الحاشدة تملأ الساحات والشوارع وقد ضمنت اكتساح الصناديق.
لا أدري في الحقيقة ما أسباب هذا الكم الكبير من المجاميع السياسية في بلد صغير لا يتجاوز عدد مواطنيه المليون وربع، وكأن هؤلاء لا يرون الكويت إلا آلة تفريخ لمزيد من التجمعات السياسية الصغيرة والتي لا يتجاوز أحيانا عدد المنتسبين لها أفراد ديوانية صغيرة تقع في طرف حي قديم مهمل.. أدرك جيدا أن أجواء الحرية في عهد صاحب السمو الأمير حفظه الله قد اتسعت كثيرا وهي بلا ريب أحد الأسباب الرئيسية لهذا التسابق المحموم في إنشائها، لكن أيضا من نافلة القول إنها دون برامج واقعية فضلا عن خارطة طريق قابلة للتطبيق، وكل ما هنالك مطالبات شفهية مطاطة يجهلون هم أنفسهم تفاصيلها وتصاريح إعلامية منتفخة يراد منها تسليط الأضواء والجعجعة وإيهام الناس بثقلها ليس إلا.
تفتقر هذه المجاميع الصغيرة إلى الخبرة في الشأن السياسي وغالبا ما تقرأ المجريات بطريقة مغايرة لما هي عليه، كما أنها مشوبة بكثير من اندفاع الشباب وأحيانا التهور غير الخاضع للسيطرة، وهي نتيجة حتمية لافتقادها الحكمة والتؤدة الآتية من الكبار ذوي التجربة ومن صقلهم التاريخ.. ومجاميع هذا شأنها لن يكتب لها الاستمرار فضلا عن الانتشار التي تريد، وهي تحمل بذور فنائها في أحشائها.
الابتعاد عن واقع الناس ومعاشهم وترديد مطالبات طموحة جدا ليس هذا وقتها وأحيانا متطرفة ومنبوذة أحسبها لن تهيئ لنا مناخا سياسيا هادئا تستطيع فيه هذه المجاميع الوليدة الوقوف على أقدامها والمساهمة بالارتقاء بالعملية السياسية في الكويت، أما الطموحات الشخصية المستعرة والتي ترغب بالوصول إلى مبتغياتها عبر أقصر الطرق بصرف النظر عن شرعية الوسيلة من عدمها فتعد موت سريع يعصف بثقة الناس ويذهب بدعمهم إلى غير رجعة، وقد رأينا مؤخرا البيانات المضادة التي يتراشق بها المؤسسون لبعض هذه المجاميع الصغيرة طمعا في القيادة وحرصا على إرضاء الذات دون أدنى اعتبار للأهداف «المعلنة» من وراء إنشائها.
٭ منعطف:
تقول العرب: الحق أبلج والباطل لجلج، وحبل الكذب قصير وأقصر منه حبل التلفيق الذي سرعان ما يلتف على عنق عاقده فيهلكه.
لم يقدر الله تهذيبا لعالمنا
فلا ترومن للأقوام تهذيبا
ولا تصدق بما البرهان يبطله
فتستفيـــد مـــن التصديــق تكذيبــا
@mohd_alzuabi