أصدر مجلس الوزراء مؤخرا قرارا بتخفيض سعر وقود الديزل بعد أن أصدر قرارا في بداية السنة الحالية برفع الدعم عنه رغبة منه في التصدي لعمليات تهريبه خارج البلاد، وقد جاء قرار التخفيض بعد الارتفاع المفاجئ لأسعار السلع والخدمات المرتبطة بوقود الديزل، وهو الأمر الذي أثار امتعاض كثير من المواطنين والمقيمين.
التراجع عن ذلك تحديد سعر وقود الديزل لم يكن الأول وبالتأكيد لن يكون الأخير، فقد تراجعت وزارات حكومية عن قرارات كان منها قرار الوزن النسبي في وزارة التربية وقرار السماح باستعمال حارة الأمان على الطرق السريعة، والملاحظ أن التراجع عن هذه القرارات وغيرها إنما جاء نتيجة الاستياء الشعبي من إصدارها فضلا عن الآثار التعليمية والاقتصادية المترتبة عليها.
ليس لدي الخلفية التامة عن كيفية اتخاذ القرار في مجلس الوزراء وبقية الوزارات والمؤسسات والهيئات التابعة، لكن ما أعرفه أن القرار أيا كان إنما يمر بعدة مراحل قبل إصداره، والسؤال الآن.. إذا كانت القرارات التي تم إلغاؤها أو تعليق العمل بها قد تمت دراستها بصورة عميقة وموسعة وتمت معرفة الآثار الناتجة عن إصدارها، فلم تم إلغاؤها إذن؟ وإذا كانت غير ذلك فلم تم اتخاذها ابتداء؟ ولا أظن بحال أن القرارات تتخذ بصورة مقتضبة وعشوائية وإلا لكان الحال بخلاف ما هو عليه اليوم.
أتفهم أن يتم التراجع عن بعض القرارات التي تفصل بينها فترات زمنية متباعدة، فالخطأ محتمل ومتوقع لكن ليست بالصورة التي عليها قراراتنا اليوم، فالتراجع أصبح سمتها التي لا تنكر، ومن الطبيعي أن القرارات المتخذة لن ترضي الجميع، ولاسيما إن كانت متعلقة بالأموال، والمرء مجبول على الأخذ دون العطاء، ووقف القرارات الصحيحة على رضا المواطن والمقيم سيجعل من الإصلاح أمرا عسيرا، والتراجع عنها بمجرد التماس الاعتراض عليها سيعطي انطباعا غير محمود العاقبة، وربما يكون أيضا سببا في عرقلة الإصلاح أو تأخيره لفترات طويلة طلبا لرضا الرعية الذين لن ينال رضاهم في كل قرار مهما كان حيويا وفي مصلحة البلاد.
التراجع عن القرارات الحكومية بهيئتها التي هي عليها اليوم سيذهب بهيبتها ولن يجعل لها وقعا في النظر، وبالتالي سيكون من السهل مخالفتها والضرب بها عرض الحائط انتظارا للتراجع عنها كما اعتاد عليه الناس، والمفترض أن تتم دراسة القرارات والقوانين بصورة متأنية وعميقة ومعرفة كل آثارها قبل إلزام الناس بها، وبعد ذلك يجب ألا يلتفت لاعتراض المعترضين مهما علت أصواتهم وانتفخت أوداجهم، وبغير ذلك ستكون القرارات بما في ذلك الحيوية منها مرتبطة بموافقة العامة ومباركتهم لها قبل ما هو صحيح ويصب في مصلحة البلاد ومنفعتها.
mohd_alzuabi@