هرع إلى بيت الله الذي سفكت فيه الدماء الطاهرة، لم يضع في حسبانه كمائن الأخطار ولم ينتظر ترتيبات الأمن المعتادة، فزع إلى المثوى الذي ضم أجداث الشهداء بفؤاد يتمزق حزنا على أبنائه وفلذات كبده، ما التفت لظمأ الصوم ولا أعار هما لشمس الهاجرة التي أيبست شفتيه ولفحت وجنتيه، بيد أنها لم تجفف مدامعه التي تدفقت من فؤاده المفجوع حاملا على عاتقه تسعة عقود ثقيلة ما أعاقته من تفقد آثار موضع من الجنة أهبط على الأرض وقد تضمخ بروائح الركع السجود.
كان قدوم سمو الأمير ـ حفظه الله ـ على عجل بعد الحادث بدقائق لموقع المأساة للوقوف بنفسه على الاعتداء الآثم أمارة طمأنينة في خضم الهلع الذي انتشر وعلامة أمن للخائفين من تبعات الجريمة الشنيعة، وضمانة محققة بأن هذا الوطن العزيز سيتغلب على غدر الإرهاب الذي لطالما تجاوز ما هو أعظم منه وأمر، وفي ذلك إقدام قل نظيره إيمانا من سموه بأن الأعمار بيد خالقها ولكل أجل كتاب لا يتقدم ولا يتأخر، وفي حالات مشابهة في دول أخرى ـ بما في ذلك المتقدمة أمنيا منها ـ ما كان لأي زعيم أن يصل لموقع الهجوم إلا بعد تمحيص أمني مشدد لربما تأخر أياما أو أكثر من ذلك.
حقا إنه قائد الإنسانية المشهود له أمام الخلائق بالشفقة والرحمة على القريب والبعيد، وشمل بعطفه وأبوته الحليف بعد الخصم العنيد.
وستظل شهامة سموه، حفظه الله، في هذا الموقف العصيب مخلدة في ذاكرة الكويتيين وستبقى ما بقي الليل والنهار عصية على النسيان، يستلهم منها الجميع الدروس في حسن الإدارة ورباطة الجأش وثبات الجنان وسرعة التصرف الحكيم.
أسأل الله تعالى أن يمد في عمر سموه على ما يحب ربنا ويرضى، وأن يلبسه لباس الصحة والعافية، وأن يبارك له في أعماله، ويجنب سموه الهموم والأكدار، ويجزيه خير ما جزى حاكما عن حكمه وولايته، ويحفظ بلادنا الكويت وشعبها من كل سوء ومكروه، ويرحم شهداء جامع الإمام الصادق، ويفرغ على أهليهم الرضا والصبر والسلوان، ويأجرهم على ما أصابنا وأصابهم ويخلف عليهم خيرا في الدنيا والآخرة.
mohd_alzuabi@