المراقب للاحداث على مستوى اقليم الشرق الاوسط يدرك تماما ان المنطقة تمر بمنعطفات خطيرة، نظرا لتسارع الاحداث وتشابكها بيد عدة اطراف، ففي العراق مثلا تجد انه منذ الانتخابات البرلمانية الاخيرة وحتى الآن لم ينجح العراقيون في تكوين حكومة وحدة وطنية تضم تحت مظلتها جميع القوى السياسية والتيارات المختلفة، ولا يخفى على احد ان هذا الوضع استدعى تدخل قوى خارجية في هذا الشأن الداخلي في محاولة لتعزيز طرف عراقي على آخر، انطلاقا من مصالح ورؤى هذه القوى.
اما في لبنان فلايزال موضوع القرار الظني الخاص بقضية الشهيد رفيق الحريري يثير الكثير من اللغط بين الاشقاء في لبنان، وهذا اللغط قد يتسبب في احداث خلافات في التعاطي مع الامور الداخلية في لبنان مما يؤثر سلبا على انطلاقة النهضة اللبنانية، كما يؤثر على علاقاتها الخارجية مع بعض الدول.
واذا اتجهنا نحو الشرق فسنجد ان موضوع النووي الايراني، وما يقابله من اعتراضات اميركية واوروبية وصلت الى حد فرض بعض العقوبات على طهران، يثير المخاوف من اندلاع صراع في المنطقة، كما لا يمكننا ان نستبعد المخاوف من حدوث اي خلل في انظمة المفاعلات النووية الايرانية مما قد يسبب كوارث في المنطقة برمتها.
اما التهديدات الارهابية فإنها لاتزال تلوح في الافق وتستدعي اخذ الحذر والحيطة من الجميع، تحسبا لاي مجهول، وليس هناك ادل على ذلك من اكتشاف الخلية الارهابية منذ ايام في مملكة البحرين الشقيقة، وما قبلها من تهديدات الحوثيين وتجرئهم بالاعتداء على حدود المملكة العربية السعودية الشقيقة.
وفي خضم كل ذلك لا يمكننا ان نستثني ما كاد ان يحدث عندنا من فتنة اثر التصريحات الشاذة والتطاول السافر من المدعو ياسر حبيب في حق ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها.
والعامل المشترك في هذه الامور اننا يجب ان نكون على وعي كاف بما يهدد المنطقة من مخاطر، وان نتعامل برؤى واستراتيجيات مرنة تراعي ان تكسب جميع القوى والتحالفات في مختلف دول الاقليم.
والمطلوب منا كقوى او تنظيمات سياسية وكذلك مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الاعلامية والفكرية والثقافية ان نعي ضرورة تقوية علاقات الكويت الاقليمية، وان نتأنى في رد الفعل تجاه اي حدث، وان ننظر بعين فاحصة لكل حدث بحيث نعي دوافعه واهدافه وليس فقط ما يظهر منه.
وعلينا ان نضع دروس الغزو دائما امام اعيننا، حيث ان مواقف الكويت وحسن تعاملها مع جميع الدول عاد علينا بوقوف جميع هذه الدول بجوارنا ومناداتها بحقوق الكويت وشرعيتها.
اما الحكمة التي يجب ان نضعها نصب اعيينا باستمرار والتي انعم الله علينا بها فهي التوجيهات السديدة والرؤي الحكيمة التي يوصينا بها دائما صاحب السمو الامير الشيخ صباح الأحمد في خطبه وكلماته السامية من وقت لآخر، ففي كلمات سموه سنجد خارطة طريق تعيننا على التعاطي مع جميع الامور بحكمة وهدوء بعيدا عن التشنج والثورة، ولا شك اننا اذا وضعنا مصلحة الكويت فوق كل اعتبار فسوف نتمكن من السير على الدرب السليم.