ما يجري على الساحة السياسية في الوقت الراهن في ليبيا، وهي احدى الدول المصدرة للنفط، قلب الموازين الاقتصادية والمالية في الشرق والغرب وتم تحقيق ما كان مطلوبا تجاه الضغوط الأميركية على الصين برفع عملتها بعد اجتماع العشرين الكبار في نهاية 2010 والتي كانت تتجاهل هذه التوصيات الى أن أتى الدور بطرق ملتوية تخرج من العاصمة الليبية طرابلس والتي تشهد اضطرابات شعبية لإسقاط نظام السلطة هناك والذي لجأ لاستخدام العنف لتجنب السيناريو المصري والتونسي لتبدأ التغيرات الاقتصادية تحدث بشكل متسارع في ارتفاعات قياسية لأسعار النفط والذي سجل أرقاما لم يسجلها في ثلاث سنوات مضت مع انخفاضات حادة في قيمة الدولار وذلك للارتباطات السعرية بينهما وارتفاع اليوان الصيني في أيام قليلة وحدثت الانعكاسات مع إقبال المضاربين على المعادن الثمينة لتجنب مخاطر الاضطرابات على الأسواق.
لماذا ليبيا تحديدا تغير المجريات ولم يحدث ذلك أثناء المظاهرات التونسية أو المصرية على الرغم من انها في إقليم واحد؟ نظرا لكون ليبيا احد المصدرين للنفط ولم تكن تلتزم بعهود وأنظمة «أوپيك» من بعد أحداث لوكيربي فكانت منفذا للمتلاعبين بأسواق النفط والسوق السوداء تحديدا والتي تصدر الى الدول الأوروبية المطلة على البحر المتوسط والقريبة جغرافيا منها بأسعار اقل مما هو متفق عليه عالميا كما حدث في فترة بعد سقوط صدام حسين والارتفاعات النفطية التي وصلت في منتصف 2008 الى 147 دولارا عندما كان يصدر النفط العراقي في السوق السوداء الى دبي ومن ثم الى تجار النفط ودول شرق آسيا والصين والهند وعندما فرضت الرقابة وتوقف ذلك ارتفعت الأسعار بشكل متسارع وهاهو السيناريو يتكرر مع المشهد الليبي وتتوقف الإمدادات الى أوروبا ويتدافع المضاربون الى شراء عقود النفط وترتفع قيمة العملة الصينية وانخفاض الدولار لكي تستفيد الشركات الأميركية والإقبال على الإنتاج الصناعي بكل مؤشراته الاقتصادية مما يوفر الفرص الوظيفية وتقل نسب البطالة التي وصلت الى 10% في 2010 وتتراوح حاليا بين 9 و10% ولكي تجنب الرئاسة الأميركية خطورة البطالة وانكماش الاقتصاد اتخذت السبيل الذي نراه على الساحة وفضلت عدم الاهتمام والتدخل في الشأن الليبي على عكس تدخلها بشكل واضح في أحداث مصر.
والتساؤل الآن: ما الذي يمكن ان يحدث مستقبلا في خضم الأحداث الاقتصادية الناتجة عن كل تلك الأحداث؟ من المؤكد أن ترتفع وتيرة التضخم مرة أخرى على الدول المنتجة للنفط كونها مصدرا ومستوردا لسلع أخرى خصوصا في دول الخليج، فهل نكون على استعداد للمستجدات الاقتصادية التي تعصف بالعالم؟
رئيس فريق دريال للتحليل الفني
[email protected]