أصبحت الدعوة عند بعض «الدعاة» تجارة حقيقة، فبقدر المال الذي يدفع لهم يكون حديثهم عن «الدعوة» التي لا يعرفون منها إلا اسمها وإلا فهذا البعض أبعد ما يكون عن معرفة الدعوة أو الدعوة للإسلام.
صحيفة «الرياض» السعودية الصادرة يوم العاشر من شعبان ذكرت أن اللجنة المنظمة لمهرجان أبها وجدت صعوبة بالغة في إقناع أحد «الدعاة» بأن يأخذ 20 ألف ريال بدلا عن 60 ألفا مقابل قيامه بنشاط دعوي في المهرجان!
إذن الدعوة عند هؤلاء أصبحت تجارة خاضعة للعرض والطلب والمساومة زيادة أو نقصانا، وفرغت تماما من مضامينها الحقيقية وهي الدعوة الصادقة إلى تعاليم الإسلام.
لا أدري كيف يفهم هؤلاء الإسلام؟! كيف درسوه في جامعاتهم؟ ولا أدري كيف يستحلون الكذب الصريح على الناس وهم يقولون ما لا يفعلون!
في محاضراتهم أو أثناء خروجهم في القنوات الفضائية يتحدثون عن الزهد في الدنيا وعن أهمية العمل في الآخرة من أجل الجنة ونعيمها، وأن بذل المال والنفس من أجل الآخرة يجب أن يكون أهون شيء على المسلم... وأقوال أخرى من هذا النوع.. هذا الكلام صحيح ولكن لماذا لا يطبقون ما يقولونه على أنفسهم أولا؟ لماذا لا يبذلون شيئا للإسلام؟ بل لماذا يتاجرون به وبشكل غاية في الدناءة؟!
من يقول انه لا يتحدث إلا بثمن معلوم لا يستطيع أن يقول ما يعتقد أنه حق وسيقول كل ما يريده منه الآخرون لأنهم ببساطة يدفعون الثمن المطلوب هل هذه هي الدعوة التي يتحدثون عنها؟!
بعض دعاة السعودية كانوا يحرمون إدخال التلفاز إلى بيوتهم، حرموا بشدة رؤية بعض القنوات العربية مثل: «l. b. c» و«m. b. c » وما شابههما، لأنها مصدر الفساد والرذيلة من وجهة نظرهم، لكن هؤلاء تراكضوا على هذه القنوات عندما دفعت لهم عشرات الآلاف وأصبحت في نظرهم حلالا طاهرا مثل ماء زمزم، أين الدعوة الحقيقة من هذا الزيف الواضح؟ من سيصدقهم وهم يتلونون مثل الحرباء؟!
وفي شهر رمضان تجد الواحد منهم في هذه القناة وفي تلك وفي الثالثة، يحدثك بكلام مستهلك لا قيمة له لأنه لا يخرج من القلب بل من المال الذي يدخل الجيب، وفرق بين هذا وذاك.
سيقول البعض: لماذا لا يجوز للدعاة ما يجوز لغيرهم من الممثلين والمطربين والكتاب وغيرهم من الفئات الأخرى؟! وسأقول: نعم يجوز لهم ما يجوز لغيرهم ولكن بشرط أن يكونوا واضحين مثل غيرهم، ليقولوا: نحن نبحث عن المال أولا من خلال الدعوة التي نمارسها وهذا عملنا.
احترم هذا النوع من «الدعاة» إن فعلوا ذلك، ولكني لا أتفق معهم، فالدعوة شيء وما يفعلونه شيء مختلف تماما.
هذا البعض من «الدعاة» ينبغي فضحهم لأنهم يسيئون لديننا الذي نعتز به، وينبغي إبعادهم وعدم دعوتهم لكيلا يغتر بعض البسطاء بهم، وهذا زقل ما ينبغي عمله خدمة لديننا وشبابنا.
[email protected]