كنت ولازلت اعتقد ان ايران دولة مسلمة مجاورة لبلادنا العربية وان من حقها على العرب ومن حق العرب عليها أن تكون بينهما علاقات مميزة بحكم ما يجمع بينهما من روابط كثيرة لا يمكن فصلها مهما كانت الظروف.
ولكني أعرف في الوقت نفسه أن العلاقة بين إيران وبعض الدول العربية ليست جيدة، وأن هذا النوع من العلاقة هو الذي شجع أميركا على محاولة الضغط على هذه الدول لتكون الى جانبها ضد إيران في اي مشروع عدواني قد تقوم به مستقبلا في ايران.
وأعرف كذلك أن أميركا ومن ورائها اسرائيل تعملان بكل قوة لاقناع بعض العرب بأن عدوهم الحقيقي هو إيران وليس اسرائيل وأن عليهم بالتالي ان يوجهوا كل جهودهم ناحية إيران وأن يبتعدوا عن معاداة اسرائيل التي تقف إلى جانبهم ضد عدوهم ايران.
الأميركان يعملون بكل قوة لتحقيق مصالحهم مهما كانت الوسائل المتبعة، ومصلحتهم هنا مع قضايا الصهاينة، ومادامت إيران تشكل تهديدا حقيقيا لليهود ـ بحسب قولهم ـ فإن المصلحة هنا في توجيه الجميع لعدو إسرائيل ومحاولة إضعافه.. لا تهمني هنا مواقف الأوروبيين تجاه إيران ومقاطعتها، ولا مواقف اليهود والأميركان، ولكن الذي يهمني مواقف الدول العربية التي ارى انها يجب ان تكون مغايرة لتلك المواقف رغم كل القرارات الدولية التي قامت على الظلم والاستبداد استجابة للضغوط الأميركية.
قد يقول البعض لماذا لا نحترم هذه القرارات الأممية ونحن اعضاء في تلك الهيئات؟ وهذا سؤال وجيه لو أن الجميع يحترمون هذه القرارات؟ كم من قرار لم تقم له إسرائيل وزنا؟ وكم من قرار ضد أميركا من بعض تلك الهيئات هاجمته اميركا وانتقدته بشدة؟ فلماذا العرب وحدهم هم من يحترم تلك القرارات وهم يعرفون أنها ظالمة؟!
ولكن.. أين دور إيران المطمئن للعرب لكي يقفوا معها؟ للأسف هناك مواقف ايرانية غير مفهومة ولا معقولة وما كان، ينبغي للإخوة هناك ان يفعلوها.
الجزر الإماراتية لابد لها من حل جذري ولا يصح أن تبقى عقبة صعبة الحل، ووسيلة لابتعاد دول الخليج كلها عن إيران بسبب مواقفها من الجزر، وعندما تكون هناك نوايا طيبة فلن يكون الحل مستعصيا.
وتلك التصريحات التي يطلقها هذا المسؤول الإيراني أو ذاك بين آونة واخرى تجاه البحرين وانها جزء من ايران.. صحيح ان الحكومة تنفي انها مسؤولة عن تلك الاقوال ولكن تكرارها يعطي انطباعا سلبيا تجاهها.
السلاح النووي الايراني يشكل معضلة للكثيرين، وأنا يهمني العرب وحدهم، ومع قناعتي بأن من حق ايران ان تمتلك سلاحا نوويا ليس للأغراض السلمية مادامت اسرائيل تملك السلاح نفسه، إلا أن واجب ايران ان تفعل ما يطمئن العرب أن هذا السلاح لن يؤذيهم بأي صورة من الصور.
وفي هذا السياق فإن الخطوة التي قامت بها الدول العربية وغيرها في محاولة إجبار اسرائيل على الخضوع لتفتيش هيئة الطاقة الذرية عمل جليل يجب ان يتابعوه حتى يتحقق اسوة بما هو معمول به مع إيران.
والمفارقة هنا ان اميركا وبعض حلفائها يقفون ضد تفتيش المفاعلات النووية الاسرائيلية رغم علمهم انها للأغراض العسكرية ويقفون بكل قوة تجاه ايران.
الشيء المؤسف تعامل الحكومة الايرانية بشكل سيء وعنصري تجاه السنة في ايران مما يشكل هاجسا سيئا من العرب تجاه ايران، فقد نشرت الصحف اكثر من مرة كيف تعامل ايران رعاياها السنة، وكيف تضيق عليهم في كل اتجاه.
زعيم الطائفة السنية في ايران مولى عبدالحميد منع اكثر من مرة من مغادرة ايران لحضور مؤتمرات يحضرها مسلمون من كل المذاهب، والعجب ان ايران تحتضن مؤتمرات للتقارب بين المذاهب الاسلامية في الوقت الذي تمنع فيه رعاياها السنة من حضور مؤتمرات مشابهة خارج ايران.
وسنة ايران لا يجدون مسجدا يصلون فيه في طهران، وقد منعوا من بناء مسجد لهم رغم كثرة اعدادهم في العاصمة.. والمستغرب ان تمنع ايران رعاياها من بناء مسجد بينما تسمح لغير المسلمين ببناء دور عبادة لهم.
قد يقول البعض: لماذا لا يصلون في المساجد المقامة فعلا باعتبار المساجد لكل المسلمين، اقول: شخصيا اتمنى هذا ولكن الواقع المؤسف يقول شيئا آخر، فالشيعة في كل انحاء العالم لهم مساجد خاصة بهم ومادام هذا هو الواقع فلماذا تمنع ايران رعاياها من ممارسة عبادتهم؟ هذه القضايا في غاية الأهمية، وهي التي تقرب بين إيران وجيرانها العرب، وهي التي تجعلهم لا يخضعون لأي ابتزاز من هنا وهناك.
من المهم ان تدرك ايران انها اذا ارادت من العرب ان يقفوا معها ضد التهديدات الاميركية واليهودية ان تبتعد عن تأزيم العلاقات معهم بكل الوسائل.
ايران دولة اسلامية جارة لنا، تقوم بأدوار جيدة، وتقف مع قضايا العرب خاصة ضد اسرائيل، ومن مصلحة الجميع ان يضعوا ايديهم بأيدي البعض ليشكلوا قوة حقيقة تجاه الأطماع التي تهددهم جميعا.
[email protected]