[email protected]
حمل خطاب «استئناف الحضارة» الذي قدمه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد في القمة العالمية للحكومات معالم طريق عملي وواقعي نحو سلام عالمي دائم ينطلق من صناعة إنسان يتمتع بجودة الحياة، وتُتاح له فرصة العيش في مجتمعات تسودها ثقافة المبادرة والإنتاج والتمكين والتطوير ومكافحة الفساد، ويلعب فيها الإعلام دور الموجّه والمحفّز بدلاً من التحريض والتجييش.
لنتخيل لو أن جميع الحكومات تتفرغ للنهوض بمجتمعاتها وتتخذ من «السعادة الإنسانية» بوصلة لعملها. كم من الصراعات سنتفادى وكم من الفرص المهدورة سننقذ؟
إن فاعلية هذا الخطاب مستمدة من سيرة صاحبه الذي حقق ما يكفي ويزيد من الإنجازات النهضوية التي تعضّد كل كلمة من كلماته بالجدية. معه لم تعد الخطابات مجرد عظات رنانة كما اعتدنا طويلاً في عالمنا العربي أن تكون، بل أصبحت واقعاً ملموساً ومقروناً بوسائل القياس والمؤشرات الكمية والنوعية التي يذكرنا دائماً بأنها الحكم والفيصل تجاه أي رؤية أو خطة أو عمل. وأمامنا الإمارات كلها كنموذج حي في تقدمها المتسارع والشامل على كل الصعد، بما فيها سعي حكومتها لخلق بيئة دولية للتنمية تؤسس أرضية صلبة لمستقبل عالمي عنوانه الازدهار والسلام والتعايش واستئناف حضارة محورها الإنسان وارتقاؤه وإعداده للمستقبل.
إن الجهود المشهودة لهذا القائد الملهم لشعوب العالم قاطبة تستحق أسمى درجات التقدير والتكريم الدوليين. وبعد كل ما قدمته مؤسسة مبادرات محمد بن راشد من جهود في غرس بذور السلام بمفهومه الواسع القائم على الاستقرار والتنمية والتشجيع على العطاء الأدبي والإنساني وإثراء حرية النشر والتعبير كلنا أمل، نحن كعرب وأبناء لهذه المنطقة الضاربة جذورها في عمق التاريخ، بأن يُمنح جائزة نوبل للسلام، فسموه بلا شك من أبرز مستحقيها في عالمنا اليوم.
إن منح الشيخ محمد هذه الجائزة بما لها من قيمة معنوية وشهرة سيحمل أفضل رسالة ممكن أن يوجهها القائمون عليها إلى عالم أنهكته الصراعات ونزعات الانغلاق بينما هو في أمسّ الحاجة لـ«استئناف الحضارة» وفقاً لما وجهنا إليه هذا الرجل الرؤيوي صاحب القول المقرون بالفعل.