هيمنت الانتقائية السياسيـة على الحفــل الـ 79 لجوائز الأوسكار السينمائية التي أعلن عنها فجر أمس في هوليوود، وتسلطت الأضواء على قضيتي الديكتاتورية والبيئة.
فمن جهة مُنح فوريست ويتيكر جائزة أفضل ممثل عن تجسيده لدور الديكتاتور الأوغندي عيدي أمين في فيلم «آخر ملوك اسكوتلندا»، بينما حصد «حقيقة محرجة» جائزة أفضل وثائقي، وقد قدمه فريق عمل يدعمه نائب الرئيس الأميركي السابق آل غور الذي يتبنى موضوع البيئة من منظور سياسي.
وبينما فاز فيلم «الضفة الغربية» بجائزة أفضل فيلم قصير وهو يدعو للسلام والتقارب بين الاسرائيليين والفلسطينيين لم يحظ فيلم «العراق في شظايا» iraq in fragments بجائزة أفضل وثائقي التي رُشح لها وتوقع كثيرون ان ينالها لتصويره الواقعي لوضع العراق حالياً وجودة العمل، لكن الخيار وقع على مجموعـة آل غور.
وكانت المفاجأة الكبرى عدم حصول فيلم «بابل» الا على جائزة واحدة من الترشيحات السبعة التي حظي بها وهي «أفضل موسيقى» رغم انه حصل على أعلى نسبة تصويت حول العالم ضمن توقعات أفضل فيلم، بعدما طرح بجرأة قضية التعسف في إسباغ صفة الارهاب على جرائم عادية في كل مكان في العالم وتسييسها من قبل الأنظمة وأجهزة الاستخبارات لاستغلالها وتوظيفها في حسابات سياسية.
ورغم الاشادات الكبيرة بقصة الفيلم نجد ان الأكاديمية حجبت الجوائز الكبرى عنه، وذلك ربما لأنه حفل بانتقادات شديدة ـ وان كانت غير مباشرة ـ للسياسة الأميركية بهذا المجال، وبنفس السياق لم يحصل فيلم «رسائل من أيوجيما» للمخرج الكبير كلينت ايستوود إلا على جائزة أفضل مونتاج صوتي، وهو الذي يروي قصة المواجهة بين الأميركيين واليابانيين في جزيرة «ايوجيما» ابان الحرب العالمية الثانية، ولكن من وجهة نظر يابانية.
وفي موضوع الأميرة ديانا الشديد الحساسية والخصوصية، مُنحت النجمة الكبيرة هيلين ميرين لقب أفضل ممثلة عن تجسيدها لدور الملكة اليزابيث الثانية في فيلم «الملكة» الذي يروي أوضاع العائلة الملكية في بريطانيا عقب وفاة الليدي ديانا بعدما كان هناك اجماع على أحقيتها بالفوز، ولكن لم يحصل الفيلم على أي جائزة اخرى.
وبعكس توقعات أغلب النقاد، حصل «الراحلون» على جائزة أفضل فيلم، متقدما على «بابل» و«الملكة»، رغم تأكيد معظم النقاد أن الفيلم الذي سمح لمارتن سكورسيزي بنيل أوسكار أفضل مخرج أمس أيضا بعد 5 ترشيحات في الماضي، لم يرق لمستوى أعماله السابقة، وأن تتويجه جاء بناء على الرغبة بتكريم سكورسيزي أولا.
وتجدر الاشارة الى انه ليس جديدا دخول السياسة لمسرح الأوسكار، ففي التاريخ شواهد كثيرة ولعل أشهرها ما حصل عام 1973 عندما صعدت امرأة لتعلن باسم مارلون براندو رفضه تسلم جائزة أفضل ممثل عن دوره في فيلم «العراب» منددة بعدم انصاف هنود أميركا الحمر في أفلام هوليوود.
وعام 1978 أثارت فينيسا ريدغريف جدلا كبيرا عندما هاجمت السياسة الاسرائيلية في لبنان ووصفت المحتجين حينها بـ «السفاحين الصهاينة».
وعام 1999 عندما حصل المخرج ايليا كازان عن اوسكار تكريمي رفض عشرات النجوم الوقوف والتصفيق له احتجاجا على اعتباره من المتعاونين بحملة المطاردات المكارثية ضد الشيوعيين.
ولن ينسى جمهور هوليوود صعود المخرج مايكل مور لمنصة الأوسكار هاتفا بأعلى صوته «العار عليك يا بوش».
ورغم طغيان السياسة التي عادة ما تفسد الفن الجميل، الا انه لا يمكن الا الاقرار بأن الحفل الذي شاهدناه أمس كان أمسية خيالية وأسطورية بالمعيار الفني.