لست مهندسا كي أتحدث عن الأمور الهندسية لكن بصفتي مستعملا ومتأثرا بهندسة الطرق يحق لي إبداء الرأي، ويجدر الاعتراف بداية بأن تصميم الدائري الخامس بين جسر بيان ودوار البدع يشكل نقلة متميزة في هندسة الشوارع وإن لم تكن كاملة فلاتزال هناك بعض الثغرات التي تستلزم معالجتها وتلافيها في التصاميم المستقبلية لهذه الطرق ويتمثل ذلك في تقارب المداخل والمخارج على هذه الطرق وقد يكون تقارب المناطق السكنية أو قصر الامتداد الطولي لها من الأسباب الرئيسية في تزاحم تلك النقاط لكن ذلك ليس مبررا لعدم إيجاد بدائل أفضل لأماكن الدخول او الخروج على هذه الشوارع بشكل مساعد لانسياب الحركة عليها ومقلل لأخطار الاندفاع الجنوني القاتل الذي نعيشه عليها يوميا.
وحيث ان الوقت أزف لتنفيذ طريق الجهراء السريع وغيره فيحق لنا رفع البطاقة الصفراء للتمهل والعناية بدراسة هندسته وانسياب الحركة فيه وتجنب ليس فقط الازدحام بل وعدم إتاحة الفرصة لوقوع الحوادث بسبب سوء وضع مداخله ومخارجه او عدم إيجاد البعد الكافي بينها كما تتطلبه طبيعة ذلك الشارع وكذلك للأخذ بالحسبان قدرة الشارع لاستيعاب كثافة الحركة المرورية المستقبلية. فكم من مخرج من طريق سريع مزدحم لطريق سريع آخر مزدحم صمم ليتسع لسيارة واحدة مسببا فوضى خانقة فمن المقترحات التي يتعين النظر فيها ألا تنتهي الطرق السريعة وبشكل فجائي بإشارة ضوئية دون وضع التحذيرات المسبقة على الشارع لمسافة كافية مع التضييق التدريجي لعرضه حتى ولو وضعت تلك الإشارة ابعد قليلا مع إجراء التعديلات الضرورية. ومن المقترحات أيضا إيجاد مداخل أو مخارج علوية تمتد لمسافة لتتيح انسياب الحركة وتمنع الارتباك.
ويجب ألا تكون مخارج الشارع بمنتصفه (كما هو الحال على الطريق الدائري الخامس أمام الرميثية، حيث يفاجأ السائق بأن مساره يقوده إلى الخروج مما يضطره للانحراف بسيارته لجهة اليسار لتلافي ذلك ليفاجأ ثانية بسيارة مسرعة قادمة خلفه غير مدركة «للحوسة» التي بها قائد السيارة الأولى فيقع عندها حادث قد يكون مأساويا.
ولست افهم العبقرية التي أوجدت جسورا تحتها او فوقها إشارات ضوئية لا تساعد على الحركة المنسابة بل تزيد من زحمة الشارع بشكل يصل امتداد السيارات المنتظرة عند الإشارة لكيلومترات على الطرق الرئيسية لتكون فرصة لحوادث قاتلة ومزيد من التأخير ونظرة واحدة صباحا لمدخل طريق الغزالي من الدائري الخامس توضح ذلك.
على مهندسي الطرق السريعة زيارة الطرق السريعة القائمة خاصة الدائري الخامس بكل امتداداته ومداخله ومخارجه لمعرفة سلبياتها ومساوئها وايجابياتها لوضع ذلك بالحسبان وهم يضعون تصاميمهم فلا يكررون نفس الأخطاء، فعملية الاطلاع هذه أفضل ضمان لمعرفة كفاءة التصميم بدلا من الاعتماد على المعرفة النظرية التي لا تغني عن دراسة الواقع والاطلاع عليه فجل الحوادث تأتي من شكل الشارع وهندسته.
[email protected]