أعتقد أن الموافقة على تعيين السيد محمد حسين بحر العلوم سفيرا للعراق في الكويت جاءت موفقة تماما من الجانبين الكويتي والعراقي بل نالت استحسان الكويتيين قبل العراقيين، فبغض النظر عن دماثة أخلاق وعقلانية تصرف المذكور وطيب منشئه وتربيته فهو قد قضى شطرا طويلا من حياته في الكويت وعرف طبيعة أهلها واهتماماتهم وخصوصياتهم بشكل لا يحتاج معه إلى فترة إعداد واستكشاف للتعرف على المجتمع الكويتي بما يساعده على استثمار وقته للارتقاء بالعلاقة بين الكويت والعراق ومن ناحية أخرى فقد عايش السيد محمد حسين والده في الكويت ولا شك انه ارتبط بذهنه ذلك الأسلوب الراقي الذي تعامل به والده مع الكويتيين وعلاقاته الواسعة مع كافة أطياف المجتمع الكويتي وتعاطيه العقلاني والموضوعي مع الاختلافات الكثيرة بين الكويت والعراق وحرصه على تأطير ذلك بغلاف الوحدة والتآلف إضافة إلى ما يحمله من ارث أخلاقي وأدبي عميق وعريض تحمله أسرة بحر العلوم بحكم دورها الريادي في المجتمع العراقي مما يثري ولا ريب ثقافة ابنه السفير القادم وأسلوبه.
أما البعد الثالث لاختيار هذه الشخصية للسفارة العراقية فهي بعد آل بحر العلوم عن الصراعات السياسية والتحزبات مذ كانوا في مواقع المعارضة إبان العهد البائد او بعد تحرير العراق، فللسيد محمد بحر العلوم الأب وأبنائه علاقات متميزة مع كافة الكيانات السياسية العراقية القائمة ولم ينجروا إلى تبني أي موقف سياسي على أسس حزبية وهو ما اغضب العديد من الكيانات السياسية التي أرادت من السادة ان يكونوا بجانبها وهذا ما يفسر لنا سرور السياسيين الكويتيين لاختيار أحد أبناء هذه العائلة الكريمة ليكون سفيرا للعراق هنا أما الاحتجاج على هذا الاختيار بدعوى علاقة السيد بحر العلوم برئيس الوزراء العراقي نوري المالكي فهو لا يستحق حتى التفكير فيه فضلا عن مناقشته فتلك محاولة ممجوجة لوضع العصي في رحى العلاقات الحسنة المتنامية بين البلدين وهناك ناحية قد لا يعرفها الكثيرون عن آل بحر العلوم وهي شيء ورثوه بحكم كونهم في مقدمة المراجع الدينية في المجتمع الشيعي وهو انهم يرون أن خدمة الناس والاهتمام بحاجاتهم وأمورهم واجب شرعي قبل ان يكون ضرورة اجتماعية فان لم يستطيعوا حل تلك المتطلبات فلا اقل من السعي لإيجاد حل لها لدى القادرين على ذلك.
ومن هنا فإننا نتطلع إلى أن يواصل السفير العراقي الجديد القادم هذا المسعى وان ينقل للعاملين معه بالسفارة هذا المنحى من الاهتمام بأمور الناس والعمل الدؤوب على حل مشكلاتهم والتعامل مع حاجاتهم قبل أن يكون ذلك واجبا رسميا دون النظر إلى أصلهم او جنسيتهم مع عدم إغفال متطلبات المنصب الديبلوماسي. وختاما نقول للسيد محمد حسين بحر العلوم مرحبا بك في الكويت سفيرا للعراق مجسدا لتطلعات التعاون العراقي ـ الكويتي، مؤكدين في الوقت نفسه على ضرورة ان تقوم باستيعاب حاجات وآمال الكويتيين ونقلها بكل شفافية وأمانة للسلطات العراقية بما يحقق التلاحم والتفاعل بين الدولتين والشعبين لتكون سفيرا عن الكويت للعراق أيضا.
[email protected]