يبدو ان الاحداث التي تمر بالمجتمع لا تحرك ساكنا لدى من بيده الامر والحل والربط وحتى لدى مؤسسات المجتمع الفردية والمدنية، والا فما معنى تكرار تلك الامور وبصورة اكثر حدة فحوادث الاعتداء بين طلاب المدارس على وجه التحديد خاصة الدامية منها ليست وليدة اليوم وليست بالجديدة او الطارئة بل شهدنا العديد منها على مر السنين دون ان تحدث ردة فعل اجتماعية جادة واوكلت لوزارة الداخلية مهمة القضاء عليها رغم انها قضية التربية والتنشئة الاسرية قبل كل شيء وعلى هذا لا يمكن القضاء عليها بزرع الشرطة امام المدارس في نهاية الدوام المدرسي، حيث ان من يريد الاعتداء لن يكترث لوجود رجال الشرطة الذين لا يستطيعون مراقبة كل زاوية او شارع او سكة حول المدرسة وان لم يقم بها امام اعين الشرطة فالاوقات والاماكن مفتوحة امامه ويستطيع ان يمارس عدوانه في كل مكان، فما الحل اذن؟
على المدى القريب وكإجراء سريع لابد اولا من انزال اغلظ العقوبات بكل من تسول له نفسه الانتقام الجاهلي البدائي بغريمه حتى لو كان معتديا فهناك دولة وقانون لابد ان تكون لهما اليد الطولى في التعامل مع احداث كهذه مع ضرورة الضرب بيد من حديد على كل مشروع للتوسط مع محاسبة عسيرة لكل من يتساهل مع تلك الحوادث نتيجة لهذا التوسط غير المحمود، هذا مع ضرورة تسريع اجراءات التحقيق والمحاكمة كي يتوافر الحزم المطلوب وبالتوازي مع ذلك لابد من عمل لقاءات على مستوى المحافظات مع رجالات البلد ووجهائها وشيوخ القبائل وشخصياتها لإشراكهم في معالجة هذا التدهور وطلب مساعدتهم في القضاء عليها عبر توظيف مواقعهم الاجتماعية بمعنى تحميل كل قطاعات المجتمع مسؤولياتها في حفظ امن المجتمع وابنائه.
اما على المدى البعيد، فيجب عدم اهمال هذه الحوادث او تركها للزمن حيث ثبت فشل وخطر هذا الاتجاه فيما نشاهد من تكرار هذه الحوادث وبشاعتها، ولابد هنا من دراسة اسباب تلك الاعتداءات الهوجاء وتحليل اماكن حدوثها والفئات العمرية التي تقوم بها، فلو كنا في دولة اخرى لوجدنا العديد من الدراسات لتحليل هذا النوع من التصرف وتتبع اسبابه خاصة مع تواجد ادارات متعددة تدخل تلكم التصرفات ضمن دائرة اهتماماتها كادارة البحوث النفسية والاجتماعية في وزارة التربية وادارة البحوث الامنية في وزارة الداخلية اضافة الى مركز الانماء الاجتماعي التابع للديوان الاميري. ولا ادري ماذا يمنع هذه الادارات من ان تجتمع وتضع خطة عمل لمواجهة هذه الظاهرة قبل ان نتحول لصومال اخر او شيكاغو جديدة فلماذا لا تتنادى تلك الجهات وهي المعنية بأمور كهذه للتدارس والمناقشة وبحث الحلول، فإن الموضوع لا يحتاج لأن يصدر قرار من مجلس الوزراء بتشكيل لجنة مشتركة لهذا الغرض فهذه مشكلة وطنية على مؤسسات المجتمع الرسمية وحتى الاهلية ان تبادر للتصدي لهذا الانحراف الخطير عن المستوى السوي في التصرف حيث استمرأ البعض سلوك نفس السبيل بعد ان لمسوا التهاون في معالجته والسكون في مواجهته.
[email protected]