أجل إنها مزحة العصر المقولة التي تتغنى بها وزارة التربية حول التطوير التربوي والإستراتيجية التربوية وإلا بربكم اشرحوا لي كيف يمكن لمحامية ومهندس ومدير بنك أن يفقهوا في التعليم ليختاروا من النظريات التربوية ما يعمل على تطوير العملية التعليمية قبل ان يقوموا بتطبيقها في الكويت، نعم هذا هو الوضع المعكوس عندنا حيث يبدو أن الوزارة وعلى مستوى أعلى مسؤوليها مشغولة بتقسيم كيكة المناصب التربوية وتوزيعها على بعض المعارف أو المحسوبين على أولئك المسؤولين بغض النظر عن مدى ملاءمة تخصص المرشحين لتلك المناصب للعمل في التربية والتعليم.. ولتذهب العملية التعليمية هباء، وإلا فما معنى أن تكون وكيلة الوزارة شخصية متخصصة في القانون وأن يكون الوكيل المساعد للتخطيط مهندسا مدنيا، وان يكون مدير تطوير التعليم مدير بنك، وما يدريك فقد نجد غدا مدير المناهج شخصا ذا مؤهل في الإطفاء، فكل شيء جائز في هذه الوزارة التي استبشرنا بإحداثها نقلة تعليمية عندما تم تعيين شخصية أكاديمية على قمة هرمها الهيكلي، لكن سرعان ما تبين كم كنا واهمين فلا رؤية تربوية ولا تطوير تربوي، ويبدو أن الشغل الشاغل للوزارة الآن هو اختيار من لا يصلح للميدان التربوي ليرأس قطاعاته فمن يتم تعيينهم على قمة المراكز التربوية في الوزارة ليخططوا ويفصلوا في الأمور التعليمية والتربوية أناس من جميع التخصصات إلا التربية، وكأن هناك إصرارا على إقصاء وتجاهل أهل الميدان من التربويين سواء داخل الوزارة او خارجها ممن افنوا عمرهم في المجال التربوي وخبروا مداخله ومخارجه ومتطلباته وأسسه وممن حصلوا على أعلى المؤهلات في الميدان التعليمي والتربوي حيث يتم تجاوزهم لدى التفكير في شغل تلك المراكز والمسؤوليات التربوية المتخصصة والتي لا يفهمها إلا أهلها. إن أحاديث بعض المسؤولين التربويين إضافة إلى ما يتم تداوله داخل أروقة الوزارة وما أشارت إليه الأسئلة البرلمانية كلها تشير وبشكل واضح إلى أن العملية التعليمية تأتي في آخر اهتمامات الوزارة ولعل أبسط دليل على ذلك هو «حذف» قلب الوزارة ومصنعها الذي أوجد الوزارة برمتها بوزيرتها ووكلائها وإداراتها المختلفة من أجله وأقصد به قطاع المناهج والبحث التربوي بعيدا عن مركز القرار التربوي ونفيه إلى منطقة مبارك التعليمية حتى وإن تواجد الوكيل المساعد المسؤول عن ذلك القطاع (وهي السيدة الفاضلة مريم الوتيد) في مركز الوزارة، فإبعاد إدارات القطاع عن وكيلها المساعد يعرقل العمل ويؤخره، هذا إذا افترضنا أن الوزارة تستشعر أهمية ذلك القطاع. وإلا فإن ذلك النفي يحمل رسالة سياسية محددة مفادها أن ذلك القطاع الحيوي يأتي في آخر اهتمامات الوزارة التي تسند ذلك الإهمال المتعمد برفض النهوض بالقطاع ورفع مستوى أدائه وتزويده بما يحتاج اليه من امكانات مادية وبشرية وازالة العوائق من امامه فهل يتم تصحيح الاوضاع المعكوسة في الوزارة بهذا الاسلوب؟ اما من يريد ان يتقدم بأفكار او اقتراحات لتطوير العمل في الوزارة فلا يحظى بالاهتمام الكافي من الوزيرة بالذات وان تجرأ وطلب الحظوة بمقابلتها فقد تنتهي الاربع سنوات قبل ان يسمع ردا من معاليها يتيح له الالتقاء بها ان الاوضاع بشكلها الحالي لا تبشر بنقلة تهيئ الكويت لان تكون مركزا ماليا كما نادى به صاحب السمو الأمير ولما كان الحال هكذا فامسحوا أيديكم بالجدار فلا تطوير ولا تعليم ولا هم يحزنون. وأدعو الله حتى لا يعين طبيب مديرا للامتحانات او طيار مسؤولا عن تدريب المعلمين فكل شيء يبدو ممكنا في هذه الوزارة هذه الايام وعاش التطوير التربوي.
[email protected]