قالت لي والألم يعتصر روحها والمرارة تشع من حديثها: لن أعمل في جامعة الكويت؟ واستغربت قرارها فالجامعة من مواطن العمل الراقي كونها تضم خيرة رجالات البلد ونخبه الأكاديمية لكنها أجابت: ولماذا أعمل هناك والجامعة تمثل نفس الأسلوب الإداري العقيم للوزارات؟ فعند الإعلان عن وظائف شاغرة طلب منا التقديم من خلال الموقع الالكتروني الذي لم يكن يستقبل طلباتنا مطلقا فاضطررنا للنزول للشارع ومصارعة السيارات في ازدحام لا يطاق لأسلم طلبي باليد للجامعة فبماذا تختلف الجامعة عن غيرها من مؤسسات المجتمع المتخلفة؟ وكيف تعلن الجامعة عن تقديم الطلبات الكترونيا عبر موقع لا يعمل؟! واعتقد انه صرف عليه مئات الألوف من دون جدوى. وحين جاء الموعد للمقابلة اتصلوا بي وقالوا هاتي غدا سيرتك الذاتية وتعالي بعد غد للمقابلة فقلت لا أستطيع لأني أعمل في جهة أخرى لا تسمح لي بالخروج اليومي وكان الأجدر أن تعطوني فرصة كافية لزيارتكم وليس بهذا الشكل المفاجئ فقالوا هذا هو موعدك. وطبعا لم استطع حضور المقابلة وبالتالي ضاعت علي الفرصة وتأكدت حينها أن العقلية هي نفس العقلية ولو تواجدت في مبان مصنوعة من ذهب فأي رقي في الأداء والأسلوب تتحدث عنه.
وأضافت حتى عندما قدمت للبعثات في الجامعة تصورت أن إنهاء دراستي بأقل من الفترة المقررة (تخرجت بعد 3 سنوات ونصف) وبمعدل 3 نقاط ونصف من الـ 4 نقاط سيكون كافيا لأنال البعثة لكن المفاجأة العظمى ان تخرج لجنة المقابلة بعذر ربما يصعب على إبليس إيجاده حيث قالوا لي «أنت لا تزالين صغيرة حيث مضى على تخرجك سنة واحدة فقط وغير متزوجة وقد تتزوجين فتنقطعين عن الدراسة فاذهبي وتعالي بعد 10 سنوات (تصور 10 سنوات) فتتكون لديك خبرة كافية وقدمي على البعثة» فقلت: «الانقطاع عن الدراسة قد يحصل حتى من المتزوجة وصاحبة الخبرة» فقالوا «تعالي بعد 10 سنوات» وهكذا رفض طلبي رغم قولي لهم «إني أنهيت دراستي وتخرجت قبل غيري كي أواصل دراستي ولديكم عقوبات قاسية تفرضونها علي ان انقطعت».
وهكذا صار لدي يقين بأن الاختيار لا يتم على أساس الشروط فإن أعجبهم شكلك أو اسمك صارت لك الأولوية حتى لو وجد من يفوقك من الناحية الأكاديمية وان لم يجدوا عذرا اخترعوا لك أسبابا شيطانية ليبعدوك ويرفضوك فلماذا إذن أفكر في تطوير نفسي أو الارتقاء بمهاراتي فيكفي أن أقوم بعملي حينما يأتيني عمل وإلا فأشغل وقتي بالبحلقة عبر النافذة فيما حولي من مناظر بائسة خاصة ان من لا يعمل ولا ينجز يرتقي بسرعة للأعلى ونبقى نحن المخلصين في مواقعنا. هذه صورة إحباط رسمتها إحدى المواطنات المجدات الذكيات وان كنت أضفت إليها قليلا من الخيال دون أن أحرف لب الموضوع وهي واحدة من صور متعددة من الإحباط المتعمد نضعها بين يدي المسؤولين في مختلف مواقعهم كي نثبت أن الموضوع ليس مماحكة بين نائب وإداري بل هو نمط تقتات عليه بعض النفوس المريضة التي لم تكن حقا على مستوى المسؤولية التي أنيطت بها.
[email protected]