هل يفرح المرء أم يحزن وهو يجد وزارة الصحة توكل إدارة المستشفيات العاملة في البلاد للإدارات الأجنبية الواحدة تلو الأخرى؟ الموضوع من وجهة نظري لا يسعد أبدا، فبعد هذا العمر الطويل في تولي وزارة الصحة عبر موظفيها وأطبائها تسند إدارة المستشفيات إلى خبرات أجنبية وهو إن دل على شيء فإنما يدل على فشل الإدارة الكويتية في إدارة مراكزها الصحية مما استدعى الاستعانة بخبرات أجنبية لا تخضع للواسطة ولا تعير المحسوبية أي اهتمام ولا تجعل للرغبات الشخصية والأهواء الفردية أي دور في تسيير الأمور وتعيين الأطباء ولا توكل إدارة المستشفيات التخصصية لأطباء من غير ذات التخصص مع حرمان مستشفياتهم من خبراتهم وقدراتهم وغير ذلك من أمور إدارية أخرى كتخصيص الغرف لمحتاجيها فقط والمراقبة الصارمة على الزيارات وعدم السماح بها في غير أوقاتها. وان حدث ثمة تجاوز في ذلك من قبل الإدارات الأجنبية فإنما يتم في أضيق الحدود وفي ضوء ظروف ومعطيات إنسانية كما وجدناه من أمثال هذه الإدارات حال تواجدنا في البلدان الغربية.
كانت تلك مقدمة مقال أعددتها للحديث عن مشروع وزارة الصحة لإسناد إدارة المستشفيات العامة للإدارة الأجنبية، لكن بعد الإجابة التي وردتني من وزارة الصحة لأسئلة تقدمت بها إلى الوزير حول المشروع وجوانبه وتكلفته اعترف بأن تلك التساؤلات التي بدأت بها هذا المقال أضحت لا قيمة لها حيث اتضح أن المشروع ورغم الطنطنة الكبيرة التي دارت حوله فإنه يتطرق إلى إدارة المستشفيات من قريب أو بعيد بل وسيناط بالإدارات الحالية للمستشفيات مهمة الإشراف على عمل الفرق الطبية الأجنبية ولكم أن تتصوروا مدى التطور الذي سوف ننعم به من قبل هذه الفرق ونحن نوكل مهمة الإشراف والتقييم لعمل هذه الفرق للإدارات الحالية التي عجزت عن النهوض بالعمل الطبي والصحي رغم كل الإمكانات والتسهيلات التي توفرها لها الوزارة.
فمشروع الاستعانة بالإدارة الأجنبية للمستشفيات وفقا لرد الوزارة يقوم على «الاستفادة من الخبرات العالمية التي ستحصر للكويت في تطوير الخدمات الصحية والتخصصية والتدريب، والاستفادة من الاستشارات الطبية، مع المراكز الطبية العالمية»، أما المردود المادي فهو تقليل تكلفة العلاج بالخارج من خلال الاستفادة من الخبرات العالمية التي توفرها الفرق الطبية الأجنبية. طبعا ليس لدي أي اعتراض على ذلك التوجه لكن تسمية ذلك إدارة أجنبية لمستشفيات وزارة الصحة هو مدار الاعتراض، لان الحال ليس هو كذلك وكنت أتمنى لو كان المسمى إقامة أو إنشاء مركز التقييم او التدريب الصحي أو الطبي فانه الأكثر مناسبة لما تريد الوزارة المضي فيه على أن يشمل ذلك مراجعة الإجراءات الطبية المعمول بها في المستشفيات، وحينها يكون إشراك الإدارات الحالية للمستشفيات في عمل تلك الفرق مهضوما ومفهوما لأنه يعني فيما يعنيه تبادل الرأي والخبرات. أما إدارة المستشفيات فلابد من أن تعطيه الوزارة الاهتمام الكافي والتوجه لمعرفة ماذا يدور داخل تلك المنشآت الحيوية ومدى رضا الهيئة الطبية والتمريضية وحتى المستخدمين والمرضى وذويهم عن أدائها خاصة ان بعضها يدار بأسلوب مزاجي بعيد كل البعد عن أصول الإدارة مع بعض الترهل في الأداء والتسيب في الالتزام من قبل قلة من الموظفين تسيء للجهد الضخم الذي تقدمه الغالبية من المخلصين.
[email protected]