قرأنا التاريخ وسمعنا عن سير بعض الحكام الضعاف والأشداء المسلمين وغيرهم ولاحظنا أن الحكم لا يمكن أن يستقيم إلا باستعمال متوازن للقوة (السيف) والكرم أو ما اطلق عليه انا التسامح (منسف)، والمنسف بالمناسبة هو صحن الطعام يقدم للضيف.
وجدنا ان سلاطين أوروبا في أوج عظمتهم وانتصاراتهم سلموا بعض مراكز الإدارة العامة ومنابع المسؤولية للأقرباء والمعارف الذين عاثوا في الأرض فسادا واستخدموا تلك المقدرات لتحصين مواقعهم ومحاربة خصومهم فكانت النتيجة ان انهارت تلك الامبراطوريات بعد أن خاضت حروبا داخلية بين رجالاتها واتباعهم.
وقبل هذا يروي لنا التاريخ انهيار الدولة الأموية ثم العباسية بسبب ضعفها الداخلي الذي تكون من استغلال أقرباء الخلفاء وحلفائهم لمناصبهم في محاربة مناوئيهم وإبعاد القيادات المخلصة والاعتماد على الموالي الذين شكلوا طوابير خامسة وسادسة تعمل باسم سادتها وفق مصالحهم الخاصة هم لينقلبوا في النهاية على سلطان الخليفة الذي وثق بهم.
وما يجري في الكويت يشابه كثيرا الأوضاع تلك فقد وثقت الحكومات المتعاقبة بتيارات وبأشخاص زرعوا في مراكز الدولة المختلفة أتباعا لهم لم يكونوا كلهم من ذوي الكفاءة والإنجاز فعمل هؤلاء على توزيع مواقع البلد على أقربائهم ومواليهم فساهموا في تأخير مسار البلد وغدوا شوكة في حلق المجتمع لا يسمحون للمخلصين بالعمل ولا يقومون هم بما يجب عليهم في تطوير البلد وزادت السرقات وانتشر نهب مقدرات هذا الشعب ومما يزيد الأمر سوءا أن الشكاوى من ذلك الوضع المهترئ كانت ترفع لمن بيدهم الحل والربط لكن لم يتخذ أي إجراء لإيقاف ذلك العبث.
يحق لأهل الكويت أن يتشاءموا وهم يشاهدون انحدار المسيرة وهم يجدون المسيئين يسرحون ويمرحون دون إجراء رادع يوقفهم عند حدودهم حتى تمادوا أكثر فأكثر فأخذوا يهددون النظام الاجتماعي بأكمله في حين يلقى القبض على من قال كلمة بسيطة لتحول إلى اتهام خطير بتقويض النظام العام وهدم دعامات المجتمع في الوقت الذي يتبارى البعض فيه نهارا جهارا في العبث بمقومات المجتمع دون أن تجد تحركا وان كان شكليا لإيقاف ذلك العبث ولا نعرف حقا هل أن ذلك خوف من ردة فعل اجتماعية غير قانونية أم انه ترك للنار تأكل الأخضر واليابس كي يخلو الجو لمن يظن ان صالحه ذلك.
لسنا نريد لدولتنا ان تنهار كما انهارت حضارات ودول ذات تاريخ ولها صولات وجولات وإنجازات وحضور امتد عشرات السنين.
فيا حكومة من غير تقليل لسعة صدرك ليكن لسيف القانون دوره فقد شبعنا من المنسف، حتى فسر «المنسف» ضعفا أو غدا كذلك فهناك من تمادى في التهام المنسف وحده ويريده دوما وحده ومن ناله كرمكم وعطاؤكم يقاتل ليمنع غيره من الحظوة بكرم وعطاء حتى لو أدى به الأمر الى إعلان الحرب على منافسيه.
الكويت كلها معكم وخلفكم لتضربوا العابثين في أي موقع كانوا بيد القانون الذي لا يفرق.
[email protected]