لا أستطيع أن أعبر تمام التعبير عما تكنه نفسي تجاه شخصية رسول الله محمد صلى الله عليه وآله، وأنّى لي بذلك ووجودي هو من فيض نوره وعطائه؟! اذ لولا هديه لكنت أرسف في قيود العبودية الجاهلية والضلال. علاقتنا بالرسول الأعظم ليست مجرد علاقة إيمان وتصديق بل هي أوسع من ذلك، إنها علاقة ضال بمنقذه الذي يحتاج اليه في كل ساعة كي ينير له درب الحياة. رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم لم يعرف المسلمون قدره ولن يعرفوه، فعدّوه رجلا عاديا افترق عن غيره بأنه كان رسولا. وهنا مكمن سوء التقدير، فكونه رسولا يعني أن رب العالمين جبار السماوات والأرض اختاره واصطفاه من دون غيره ليبلغ رسالته وليتلقى القول الثقيل الذي تنوء بحمله الجبال الشداد، وتتصاغر أمامه أعالي السماء، وحمله يتيم بني هاشم خير حمل، وبلغه بكل امانة لقومه، بل للعالم كله، متحملا اقسى العناء واشد العذاب بقلب رؤوم بأمته.. أمته تلك الأمة التي لم تخجل من اعتبار أن من يقف في يوم مولده عليه وآله السلام مبتهجا بنعمة اتباعه والتصديق به ومحتفيا بذكرى تشريفه لهذه الحياة البائسة.. اعتبرت ذلك بدعة جاهلية مصيرها النار.
كيف بالله يكون ذلك؟ كيف يكون يوم إعادة او تجديد الولاء لرسول الله بدعة وضلال في حين أنه تذكر لرسالته واقتباس من هديه وتمسك بسيرته؟! الامم تحتفل بعظمائها وتقيم ذكراهم كي تبرزهم لأجيالها وتبرز عطاءهم وجهودهم وتحث النشء على الاقتداء بهم، ونحن نريد ان نقدم رسولنا للنشء انسانا ميتا قام بعمل وانتهى بانتهاء عمره في حين أن المؤذن يرفع اسمه كل يوم خمس مرات، وهذا في حقيقته نوع من الاحتفاء به وإحياء اسمه، ومع ذلك يريد البعض ان يمنع الاحتفال بيوم مولده المبارك، معذرة يا رسول الله، ظلمت في قومك حين اتهموك وكذبوك وظلمت فينا حين صور البعض ان اجتماعنا لنتذكرك ونصلي عليك ونقرأ سيرتك العطرة بدعة وضلالا.
[email protected]