ينقســــــم الشارع الكويتي تقريبا إلى قسمين حول تقييم عمل الحكومة، فهناك من يقول انه أداء سيئ جدا لا يرقى إلى طموح المواطنين ولم يكن في صالح الوطن، فبسبب الحكومة تراجعت الحريات العامة وكثرت حالات التعدي على المال العام وامتلأت المحاكم بقضايا الصحافة والرأي، وتعطلت المشاريع التنموية وتأخرت الكويت عن بقية دول المنطقة كثيرا وزادت حدة الانشقاق بين أبناء البلد وتصاعدت وتيرة الصراع الطائفي والقبلي حتى وصلت لدرجات خطيرة وغير مسبوقة في تاريخ الكويت، وباختصار يرى أصحاب هذا الرأي أن الحكومة هي سبب الجمود والفشل والتراجع. أما الفريق الثاني فيرى العكس، لا أفهم كيف ولكنهم يرون الحكومة الحالية من أنجح الحكومات وأفضلها وأكثرها إنجازا، لدرجة أنهم يهاجمون كل من ينتقد أداء الحكومة ولا يتورعون عن قذفه بأبشع الأوصاف بل التشكيك في ولائه لوطنه وتسفيه رأيه واحتقاره.
وبعيدا عن أحاديث الدواوين والشارع والمقاهي التي يراها البعض أحاديث عاطفية وغير علمية، مع أن كثيرا مما يقال فيها أفضل بكثير مما يكتب في الصحف ويقال في المحطات التلفزيونية، خاصة فيما يتعلق بأداء الحكومة خلال السنوات الأربع الماضية، دعونا نتأمل في تقارير المنظمات الدولية المحايدة والتي تبنى على أسس علمية وإحصائيات وأرقام لا تكذب، فماذا نرى؟ نرى أن الكويت قد تراجعت مرتبة واحدة عربيا وخمس مراتب عالميا بحسب تقرير منظمة الشفافية الدولية، فقد تراجعت من المرتبة 65 إلى المرتبة 66 بحسب مؤشر مدركات الفساد لعام 2009، كما تراجعت إلى المرتبة الأخيرة على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، ونجد أن معدل الملاحظات السلبية على الحرية الصحافية قد زاد من 12.63 في عام 2008 إلى 15.25 في عام 2009 بحسب تقرير منظمة «مراسلون بلا حدود»، إضافة إلى كم القضايا المرفوعة ضد الصحافيين والكتاب ولا يخفى على أحد مقدار القفزة المهولة التي حدثت منذ 2006، كل هذا وأكثر حدث في فترة زمنية تعتبر من أفضل الفترات التي مرت على الكويت من حيث توافر الأمن الإقليمي والزيادة الكبيرة في عوائد النفط، والتي لم توجهها الحكومة الوجهة السليمة ولم تستثمرها لبناء الوطن وتعزيز الحياة الكريمة للمواطن وهو الدور الأساسي للحكومة كما ينص على ذلك الدستور. ولو حاولنا أن نعدد إنجازات الحكومة طوال هذه السنوات الأربع فماذا سنجد؟ سنجد أن الحكومة قد ركزت جهودها على قضايا هامشية جدا تسببت في تأزيم العلاقة مع البرلمان وإثارة غضب الناس مثل قضية إغلاق البقالات وهدم المساجد وإزالة الحدائق عن بيوت المواطنين البسطاء، في الوقت الذي غضت الطرف فيه عن مخالفات كبيرة وتعديات على أملاك الدولة للمتنفذين، هذه هي الانجازات العظيمة التي تجعل البعض يستميت دفاعا عن الحكومة ويريدون منا أن نصدق أنها أفضل حكومة مرت بتاريخ الكويت.. ولكن!
[email protected]