بعد أيام قليلة، في السابع من يوليو تحديدا ستكمل حرب الولايات المتحدة الأميركية على أفغانستان عامها التاسع، وهي أطول حرب خارجية تخوضها أميركا حتى الآن، إضافة إلى أنها الأكثر كلفة من الناحية المادية، فحسب آخر التقارير الصادرة في مايو الماضي بلغت تكلفة الحرب العسكرية على أفغانستان منذ 2001 وعلى العراق منذ 2003 ترليون دولار بالتمام والكمال، فضلا عن الخسائر البشرية والتي بلغت قرابة 4400 جندي أميركي في العراق، و1800 من قوات التحالف في أفغانستان بينهم حوالي 1100 جندي أميركي وعدد لا نهائي من الجرحى. بالمناسبة، بلغت خسائر الجيش السوفييتي بسبب حربهم في أفغانستان منذ 1979 إلى 1989 حوالي 15 ألف قتيل و417 مفقودا. ولو تساءلنا عما حققته أميركا من انجازات في العراق وأفغانستان بعد كل هذه الأعوام المليئة بالدماء والآلام وترليون دولار (والحسابة بتحسب، فماذا يمكن أن يخبرونا؟ هل أصبح العراق أفضل( صحيح أن العالم تخلص من الطاغية صدام حسين، ولكن ألم يكن بالإمكان التخلص منه بتكلفة أقل، وهل أصبحت «الطالبان» أضعف، هل أصبح العالم أفضل حالا كما كان يردد السيد بوش وجماعة المحافظين الجدد؟!
لاتزال أميركا تنزف في العراق وأفغانستان كل يوم المزيد من الدماء والملايين من الدولارات التي تؤدي يوما بعد يوم إلى انهيار الاقتصاد الأميركي، وهما العاملان اللذان تسببا بشكل أساسي في انهيار الاتحاد السوفييتي، والسيد أوباما الذي أطلق وعودا أكبر بكثير مما يستطيع أن يحقق حتى ولو بالأحلام، واضح أنه بدأ بالترنح كسابقه وها هي استطلاعات الرأي تبين تراجع شعبيته بصورة مستمرة، فهل تتسبب أفغانستان في انهيار أميركا كما تسببت في انهيار الاتحاد السوفييتي؟ من يدري؟!
الإطار العام للحجة الأميركية التي تبرر بها تدخلها في شؤون الدول وشنها حروبا عليها هو الدفاع عن الديموقراطية وحرية الشعوب وتخليص العالم من الأنظمة الإرهابية كما تزعم، أستطيع أن أفهم هذه الأكاذيب، وأستطيع أن أفهم ازدواجية المعايير عند الأميركان عندما يتعلق الأمر بجرائم الكيان الصهيوني، حيث لا تعود للديموقراطية وحقوق الإنسان أي معنى، ولكن ما لا أستطيع أن أفهمه هو قيام الجيش الأميركي بين فترة وأخرى باقتحام المساجد ودخولها بكلابهم البوليسية والعبث بالمصاحف وتدنيسها، الأمر الذي يزيد من حدة الكراهية والعداء لهذه الدولة «المارقة» على حد تعبير تشومسكي، فالمرء يستطيع أن يفهم الكذب والوقاحة، ولكن كيف يمكن أن نفهم الغباء؟
[email protected]