محمد الخالدي
في احدى محاضرات مادة الاقتصاد الســـياسي في كلية الحقوق تطــرق الدكتور الى بشاعة النظـام الرأسمالي وما يؤدي اليه من ظـــلم واستعباد للبشر، فلم يكن يخفي توجهه الاشـتراكي على اية حال. المهم انه عندما كان يتحدث عن الرأسمالية الاميركية وينتقدها بـــشدة، كان دائما يلــتفت الي ويسب «اذناب اميركا» في المنطقة ويخص بالذكر دول الخليج، ولأنني كنت الطالب الكويتي الوحيد في القاعة كانت النظرات والاشارات المقصودة تزعجني وتؤلمني من الداخل. لم احتمل كثيرا، جادلته في بعض الامور منها ما يتعلق بتبعية دول المنطقة لأميركا ومنها ما يتعلق بالرأسمالية او حتى الاشتراكية، نقاش عادي بين طالب واستاذه لم يخرج ابدا عن حدود الادب ولكن فيه اختلاف في الرأي بالتأكيد. غير ان هذا التعبير عن الرأي الآخر كلفني الكثير، فقد اعطاني هذا «الاستاذ» 2 درجة من عشرين تخيلوا الانصاف والعدالة.
بهذه الطريقة قرر هـــذا الاستــاذ الكــبير ان ينتـــقم من طالب خالفه الرأي وعبر عن وجهة نـظر اخرى، ترى هل هذه حالة شاذة؟ وهل يعد تصرفا فرديا لا يعبر عن ثقــافة، ومرض معد نراه كل يوم وفي كل مكان؟ لا اظن، فحـــياتنا مليئة بهذه الصور المؤلمة من الســـلوك الانتــقامي غير المبرر، وانا على ثقة بأن كل واحد فـــينا لديه اكثر من قـصة يمكن ان يرويها لا تختلف في مضمونها وتعبر جميعها عن سوء خلق، ومرض في الضمير.
كنت في لندن خلال فترة تفجيرات انفاق القطارات قبل عامين، وبينما كنت اشتري بعض الحاجيات من «السوبر ماركت» كانت عاملة الكاشير تنظر الي بعين من الغضب والتبرم، وحاولت اختلاق موقـــف لتقول انني عطلت السير، وتسببت في تأخير الآخرين، فصرخ عليها احد الواقفين وهو يقول: «هي انتي.. لا يحق لك معاملة هذا الشخص بهذه الطريقة، قومي بعملك ولا تتصرفي هكذا». التفتّ اليه وقلت له شكرا، فرد قائلا: هذا ليس من اجلك، وبصراحة انا ايضا لا احب وجودكم هنا، ولكن هذا لا يبرر لنا ان نظلمكم ونسيء معاملتكم، هذه ليست قيمنا. اكملت طريقي وانا اقول في نفسي رحم الله الطهطاوي حين قال «رأيت في باريس الاسلام ولم ار المسلمين».
فاصل
قرأت مقال الزميل الكاتب د.خالد القحص «مطعم باكة» في الزميلة «الوطن» يوم الثلاثاء الماضي، واعجبني كثيرا «توارد الخواطر» بين ما كتبته في مقالي عن تطور التعليم في الكويت يوم الاثنين وبين ما ورد في مقال الزميل القحص يوم الثلاثاء، فتحية للزميل العزيز على هذا التواصل «الروحي».