ما يفعله البعض اليوم من تحول في المواقف وتراجع عن أبسط القيم بمنزلة وصمة عار لن تزول آثارها في المستقبل، خاصة في مجتمع يمثل فيه «المعاير» أحد مكوناته الثقافية. ربما لا يبالي البعض بما يقال عنه وما يكتب، ويفضل ـ بحسبة سريعة ـ صفقة مغرية على فعل ما ينبغي عليه تجاه وطنه والناس، والأمر لا يتطلب سوى انحناء لمرة واحدة ليعتاد المرء بعدها الانحناء في كل مرة، وهو بذلك لا يجرم في حق نفسه فحسب، وإنما سيترك لأسرته وأولاده وأحفاده وأحفاد أحفاده عارا سيلاحقهم أينما ذهبوا، وربما سيكونون هم أكثر من يلعنه!
البعض قدموا أنفسهم على أنهم مدافعون عن الدين، ورغم سذاجة كثير من أطروحاتهم ونشاطهم السياسي إلا أنهم في النهاية لم يخونوا الأمانة، تستطيع أن تصفهم بالسطحية، لكنك لا تستطيع أن تتهمهم بالخيانة والكذب، فهذا الوصف القاسي لا ينطبق إلا على من قدم نفسه بوصفه المدافع عن الحريات والقانون ثم انقلب على كل وعوده مع الصفقات المغرية.
شهدنا الكثير من الممارسات الغريبة على مدى السنوات الثلاث أو الأربع الماضية، شهدنا تدنيا مخجلا للغة الحوار، وشهدنا تراجعا مخيفا للقيم الأخلاقية، وتحولات مرعبة لمواقف الكثيرين، شهدنا «اللعبة السياسة» بأبشع صورها بما تحمله من انتهازية وابتزاز، غير أن أبشع تلك الممارسات أن يتحول الانسان إلى «لسان» يبرر فشل الحكومة ويدافع عن أخطائها ويتحدث عنها أكثر مما يفعله الحكوميون أنفسهم، فهذا نوع جديد من الثقافة لم تعتد عليه الثقافة الكويتية بعد.
على الرغم من بشاعة الممارسة السياسية للبعض، إلا أنهم ليسوا وحدهم الملومين على ذلك، علينا أن نعترف بمسؤوليتنا قبلهم، فما نعاني منه اليوم من ألم وخذلان هو نتيجة اختياراتنا، وإذا لم تكن كل هذه الإخفاقات المتلاحقة درسا لنا في الانتخابات المقبلة، فنحن إذن «نستاهل» كل ما يجري لنا.
[email protected]