محمد الخالدي
دخل اثنان من الطلبة إلى غرفة مدير المدرسة وعلى وجه أحدهما آثار صفعة قوية من الآخر، قال المدير: لماذا صفعت زميلك يا ابني هكذا؟ قال التلميذ: «والله يا استاذ انه بلاني بلوة، ساعة كاملة وهو يلاحقني ويمد لي خده ويقول لو فيك خير طقني، لو إنك رجال طقني!» يكمل التلميذ «ابتلشت فيه بلشة وكل ما قلت له يا ولد اكفني شرك يرد ويكرر نفس الكلام: إذا فيك خير طقني.. لا طقني.. إذا كنت رجال طقني، وفعلا ما افتكيت منه إلا لمه عطيته اللي يبي، راشدي معتبر».
أحضر منذ فترة العديد من اللقاءات والمؤتمرات الصحافية والمحاضرات السياسية التي تخرج علينا بين الحين والآخر، وكنت ألاحظ فيها عاملا مشتركا لمعظم من يسمون أنفسهم «ناشطين سياسيين» وهو حديثهم المتكرر عن الحل غير الدستوري لمجلس الأمة والذي يذكرني بموقف ذلك التلميذ الذي ظل «يحنّ ويلف ويدور ويمد خده يبي طراق». حضرت واستمعت لمعظم طروحات هؤلاء الناشطين السياسيين ولم أجد فيها حتى الآن سوى التهويل والتخويف والادعاء بمعرفة ما لا يعرفه الناس والحديث الغامض والمشوش والدخول بالعموميات والتكهن بوجود مؤامرات «انقلابية» على الدستور وعلى مجلس الأمة، ولكن حتى الآن لم أجد أي مبرر واحد عقلاني لكل هذه التهويلات التي لا تعدو كونها «شائعات مغرضة تجر الكويتيين للتصارع والتناحر» كما قال صاحب السمو الأمير في لقائه مع رؤساء تحرير الصحف.
لا أفهم لماذا كل هذا الحديث المتكرر والتخوف من حل غير دستوري على الرغم من أن الشخص الوحيد الذي يملك حق اتخاذ هذا القرار، وهو صاحب السمو الأمير، أعلن أكثر من مرة وخلال مدة لا تتجاوز السنة انه لا يفكر بهذا الأمر ولا توجد أي نية لاتخاذ مثل هذا القرار وأن المسألة مجرد شائعات! مم يتخوف هؤلاء الناشطون إذن؟ فهم إما أنهم لا يفهمون ما سمعوه من كلام صاحب السمو الأمير وإما أن لديهم فعلا أجندة أخرى وحسابات ومصالح أخرى! فماذا يريد هؤلاء الناشطون السياسيون؟ أخشى أن يكون حالهم كحال ذلك التلميذ ولن يرتاحوا حتى يحصلوا «الراشدي»، ولكن علينا أن ننتبه الى أن آثار هذه الصفعة التي يلح عليها بعض النشطاء ويدفعون إليها لن تقتصر هذه المرة على وجوههم فقط، وإنما ستتأثر بها الكويت كلها، ولذلك علينا أن نعمل جميعنا وبكل وعي على وقف كل من يدفع بهذا الاتجاه عبر التهويل والتخويف وادعاء معرفة الغيب، ولا يتطلب منا ذلك الكثير، فيكفي أن نسأل كل من يتحدث ويروج لفكرة وجود الحل غير الدستوري من أين عرفت هذه المعلومة؟ وما هو مبررك لإطلاق هذا الكلام الخطير؟ فإما أن يقدموا لنا دليلا واضحا وحديثا منطقيا يدخل العقل، وإما أن نسد أفواههم بحجر!